وروينا أيضا عن ابن المسيبي قال: كنا نقرأ لسم الله الرحمن الرحيم" أول فاتحة الكتاب، وفي أول سورة البقرة، وبين السورتين، في العرض والصلاة، هكذا كان مذهب القراء بالمدينة، قال: وفقهاء المدينة لا يفعلون ذلك. قال ابن الجزري: وحكى أبو القاسم الهذلي(١)عن مالك أنه سأل نافعا عن البسملة، فقال: "السنة الجهر بها، فسلم إليه، وقال: كل علم يسأل عنه أهله(٢).
والذي يبدو أن تسليم مالك لنافع في هذا الجواب كان تسليما مؤقتا أو كان في حياته، ثم بدا لمالك ترجيح مذهب الفقهاء معتبرا للقضية من المسائل الخلافية التي يدخلها الاجتهاد(٣)، وهذا ما يدل عليه تصديه مرة أخرى لإثارة المسألة والاعتراض فيها كما حكى ذلك المسيبي فيما رواه علم الدين السخاوي.
قال في جمال القراء:

(١) - هو أبو بكر يوسف بن علي بن جبارة البسكري صاحب الكامل في القراءات- سيأتي -.
(٢) - النشر في القراءات العشر ١/٢٧١. والخبر في الكامل لوحة ١٦ (مخطوط).
(٣) - يمكن الرجوع في تحقيق مذهب مالك وأصحابه في البسملة إلى رسالة "الإنصاف في ما بين العلماء من الاختلاف للحافظ ابن عبد البر – الرسائل المنيرية ١/١٥٦ وما بعدها.

ما جاء من أعرافها لمريما......... قال :"وأما الآخر وهو بضاعة مُزجاة فذكر عن الأستاذ أبي عبد الله الهبطي – رحمه الله – أنه كان يقول بإثباته كالأول، فيثبت الطرفين ويحذف ما عداهما"(١).
وسيأتي لنا الحديث عن مكانة الهبطي في المدرسة المغربية، وهي مكانة حاول طائفة من المتأخرين أن يغمطوه حقه فيها، وأن يصموه بالجهل المطبق بسبب الانتقادات التي وجهت إلى بعض المواضع التي اختار الوقف عليها أو نسب إليه ذلك في التقييد الذي يلتزم المغاربة بالقراءة حسب ما ورد فيه من أوقاف إلى اليوم.
٤٤- شرح تصوير الهمز من المورد لمحمد بن عيسى المساري، ونسبه بعضهم "الحسناوي".
ولم أقف على تعريف بمؤلفه، إلا أني وجدته ينقل عن مسعود جموع صاحب "منهاج رسم القرآن في شرح مورد الظمآن (ت ١١١٩) – الأنف الذكر - والشرح المذكور يقع في نحو أربع وعشرين لوحة، وأوله قوله:
"الحمد لله الذي أورثنا كتابه المبين... وبعد فيقول العبد الفقير المعترف بالعجز والتقصير محمد بن عيسى المساري القيسي لين الله قلبه القاسي: فهذا شرح مختصر على نظم الإمام الخراز الموضوع في تصوير الهمز، فإني لما وقفت على جميع من شرح لم أجد من تكلم على تصوير الهمز لجميع القراء، وإن كان ناظمه إنما فعل ذلك على قراءة نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم لا غيره من القراء، فتاقت نفسي أن أضع شرحا لجميع القراء ورواتهم، وأشرت لمن كثر نقلي عنه ككتاب "المقفع" للإمام أبي عمرو الداني – رحمه الله - وكتاب "العقيلة" "والدرة" "لميمون الفخار وغير ذلك، فنهضت لذلك، وشمرت الذيل لوضع هذا الشرح"(٢).
(١) - هو المشار إليه في الهامش رقم ٢.
(٢) - وفقت على نسخة من هذا الشرح عند صديقي المقرئ العشري السيد الطاهر العبدي بآسفي بخط يده.


الصفحة التالية
Icon