وروى عبد الله بن وهب عن مالك خبر هذه الاستشارة، لكنه جعل المستشير له نافعا نفسه، فروى عن مالك قال: استشارني نافع بن أبي نعيم في الإمامة، فأشرت عليه أن لا يفعل، وقلت له: أنت امام، وتحمل زلتك في الآفاق"(١).
وذكر الإمام أبو القاسم الهذلي في كتاب "الكامل" هذا الترشيح لنافع للإمامة بصورة أخرى فيها إغراء مادي للشيخ ليتولى هذا الأمر، وإن كان قد جعل القصة تتعلق بالرشيد بن المهدي لا بوالده معه، فجاء في هذه الرواية ان الرشيد سأل نافعا أن يصلي به لما قدم المدينة التراويح، وله بكل ليلة مائة دينار، فشاور مالكا ـ رحمة الله عليهما ـ فقال له: "ان الله تعالى يعطيك المائة من فضله، وأنت إمام، فربما يجري على لسانك شيء، لأن القرآن معجز، وأنت محترم فلا تعاود في ذلك، لاعتماد الناس عليك، فتسير به الركبان فتسقط"(٢).
وذكر أبو عبد الله المجاصي أن مالكا قال لنافع: "يا أبا عبد الله لا تفعل، فإنك مصدق في قولك، وربما يقع منك السهو فيقتدي بك الناس"(٣).
(٢) - لطائف الإشارات للقسطلاني ١/٩٣ نقلا عن الهذلي.
(٣) - شرخ المجاصي على الدرر اللوامع (مخطوط).
ثم أخذ في رسم منهجه في الكتاب وذكر مصادره التي سيعتمدها، فذكر أنه سيعتمد على ما ذكره الإمام أبو عمرو في "المحكم" وعلى بعض كلامه في "المقنع"، وعلى الذيل الملحق ب"التنزيل" في علم الضبط لأبي داود سليمان بن نجاح، وكلام أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن علي الجزري في فصوله الموضوعة في ذلك أيضا قال:
"والتزمت في ذلك نقل نصوصهم... (١) ثم ذكر أنه سيقسم البحث في هذا التقديم إلى عشرة فصول: الأول يتحدث فيه عن كيفية وجود المصحف، وكيف كان عاريا من النقط والشكل، والفصل الثاني عن سبب شكل المصاحف ونقطها... إلى أن بلغ العاشر وفيه تحدث عن الألوان المستعملة لضبط المصاحف ونقطها، ثم قال:
"ويلتحق بهذه الفصول فصل آخر مشتمل على حروف المعجم، لأن الكلام في النقط فرع وجودها، وينحصر الكلام فيها في عشرة فصول: الفصل الأول في حد اللغة المشتملة على هذه الحروف المشتملة على النقط.
الفصل الثاني في أقسامها... إلى أن قال: العاشر: ما الأصل هل الحروف أو الحركات ؟؟ ثم أخذ في تفصيل الأجوبة على الترتيب، وغالبا ما يفصل بين كلامه وكلام غيره بقوله: قال الشارح – يعني نفسه – أو يقول مثلا قال أبو عمرو أو نحو ذلك، وذلك بخط بارز يساعد على التمييز بين كلامه والنقول الضافية التي يوردها.
وبعد أن استوفى الكلام على هذه الفصول التي قدمها بين يدي مقصوده قال: "وهاأنذا آخذ – بعون الله وتوفيقه - في شرح كلام المؤلف – رضي الله عنه بمنه(٢) ثم قال: قال الناظم:
هذا تمام نظم رسم الخط | وهاأنا أتبعه بالضبط |
(٢) - يقع هذا القسم من الشرح في مخطوطة خزانة ابن يوسف بمراكش في ١٤ صفحة من القطع الكبير ٣٢ سطرا ٢٢ كلمة