وهكذا اطرد بناء المساجد العامة والخاصة في القيروان وغيرها حيث نلاحظ أسماء كثير منها يقترن بأسماء الولاة ككثير من المساجد التي كانت تحمل اسم عقبة، والتي يعلل ابن عذاري لذلك أنها "ربما سميت باسمه تبركا، وان أسسها غيره من بعده فبنوها في موضع نزوله"(١).
ولقد قيل عنه انه "لما توغل في الفتح وراء جبال درن في أرياض الصحراء، بنى مسجدا للصلاة في "ايجلي" بالسوس كما بنى آخر بدرعة"(٢). ولعله غير المسجد الذي ينسب إليه تأسيسه حين نزل "ماسة" من السوس الأقصى"(٣).
ويذكر ابن عذاري في حوادث سنة ٨٥ أنه "في هذا التاريخ تم إسلام أهل المغرب الأقصى وحولوا المساجد التي كان بناها المشركون إلى القبلة، وجعلوا المنابر في مساجد الجماعات وفيها صنع مسجد أغمات هيلانية"(٤).
وكذلك كان بناء المساجد أو توسيعها أو إعادة ترميمها أو نحو ذلك مما يتصل بهذا الشأن، مما يتنافس فيه العامة والخاصة ويرونه من أعظم القربات إلى الله عز وجل، فهذا والي القيروان زيادة الله بن الأغلب(٥)يقول عن توسيعه لجامعها: "ما أبالي ما قدمت عليه يوم القيامة وفي صحيفتي أربع حسنات"، وذكر منها بناء المسجد الجامع بالقيروان(٦).
ويذكر ابن عذاري في حوادث سنة ٢١٥ عن إبراهيم بن الأغلب صاحب افريقية أنه "أخرج مالا كثيرا لحفر المواجل وبنيان المساجد والقناطر لكلمة كانت منه على سكر"(٧).

(١) - البيان المغرب ١/٢٧.
(٢) - المصدر نفسه ١/٢٧.
(٣) - رياض النفوس ١/٤٠ والبيان المغرب ١/٢٧.
(٤) - البيان المغرب ١/٤٣.
(٥) - كانت ولايته ابتداء من سنة ٢٠١ البيان المغرب ١/٩٦.
(٦) - المصدر نفسه ١/١٠٦.
(٧) - المصدر نفسه ١/١١٣.

ولو سهلت، إلا مواضع أهملت لهم علل فيها حوى علمها صدري
"يؤاخذكم" ءالن "مستفهما به وقولك "الاولى" وصف عاد(١) ذي الخسر
وان كان قبل الهمزة الحرف ساكنا وليس بحرف المد فاقرأه بالقصر
كقولك "قرءانا" وما كان مثله سوى حرف "سوءات" فقد مد عن عذر
وفي مد عين ثم "شيء" و"سوءة" خلاف جرى بين الأئمة في مصر
فقال أناس مده متوسط وقال أناس مفرط، وبه أقري
وخالف في "الموءودة" الأصل عندهم وفي واو "سوءات" وفي "موئلا" قادر
تفرد بالأصلين ورش كليهما ووافقه قالون في مبتدا ذكري
وان تنفصل من أحرف المد همزة فدع لفتى حلوان مدك واستجر

باب ذكر الهمزتين المفتوحتن والمختلفتين من كلمة أو كلمتين

وفي الهمز علم غامض إن أردته فزرني وذق حلوي من الحلق أو مري
إذا التقت المفتوحتان بكلمة فسلني عن الأخرى وثق بي وخذ أصري(٢)
حكى، ورش الابدال فيها، وقد حكوا خلافا، ولكنا كما نشتري(٣) نشري
وسهل قالون وحال بمده وتسهيلها ما بين بين بلا نبر
وخالف فيما قال فرعون أصله(٤) وفي الزخرف(٥) استدلل بحس القطا الكدري
فسهل أخرى(٦) الهمزتين ولم يحل ووافقه ورش، وما الأمر بالإمر
وان تنكسر أخرى اللتين بكلمة أو تنضم فاسألني وكن آمنا مكري
يسهلها ورش وقالون فانتفع بعلمي وميز بين نفعك والضر
ولكن قالونا يحول بمده على الأصل فاتل الذكر وأمن من الزجر(٧)
ولا خلف في الأولى من الأصل كله لئن ضفتني علما لقد ضفت من يقري
ولم اقر إلا مثل ورش "أأشهدوا" لقالون، شد الله لي بالتقي أزري
(١) - يعني "وانه أهلك عادا الاولى " في سورة النجم.
(٢) - الصواب: إصري كما ذكر ابن الطفيل في شرحه وفسره بالعهد.
(٣) - في نسخة آسفي "لما نشتري".
(٤) - يعني في "قال فرعون ءأمنتم".
(٥) - يعني "وقالوا ءآلهتنا خير أم هو".
(٦) - في نسخة آسفي "احدى" وهو تحريف.
(٧) - كذا في بعض النسخ، وفي بعضها "وأمن من الذعر". الذعر: وهو الصواب كما في نسخة ابن الطفيل وشرحه عليها فقال: الذعر: الخوف.


الصفحة التالية
Icon