ويظهر أن فصل هذه الملحقات عن المساجد العامة قد اقتضى في بعض الأحيان تدخل السلطة القضائية، ومن بقايا ما وصل إلينا من أخبار هذا التدخل رسالة للإمام سحنون بن سعيد (ت ٢٤٠) وهو يومئذ قاضي القيروان(١)إلى نظيره محمد بن زياد بن عبد الرحمن اللخمي قاضي الجماعة بقرطبة(٢)يشير عليه ألا يعلم معلم في المسجد، قال ابن لبابة: " لما يخاف من قلة تحفظ الصبيان"(٣).
ولا يتوقع أن يهتم سحنون بهذه القضية حتى يكاتب في شأنها نظيره بقرطبة، إلا وقد قام بذلك في إيالته القضائية(٤).
ومما يدل على وفرة هذه المكاتب وتزايد الاهتمام بها في افريقية والمغرب في صدر المائة الثالثة، ظهور مؤلفات علمية لهذا العهد تنظم شؤونها وتفصل في القضايا الفقهية التي تثيرها، وتبتدئ هذه السلسلة من المؤلفات برسالة "آداب المعلمين" التي أملاها سحنون على ولده محمد في توجيه المعلمين وتزويدهم بالتعليمات القضائية والآداب التي يحتاجون إلى الالتزام بها في وظيفتهم(٥).

(١) - ولي القضاء لمحمد بن الأغلب سنة ٢٣٣ - البيان المغرب ١/١٠٩.
(٢) - ولي القضاء لعبد الرحمن بن الحكم الأموي – قضاة قرطبة للخشني ١٢٨-١٣٤.
(٣) - الوثيقة السادسة من الوثائق التسع للحسبة على المساجد في الأندلس. تحقيق الدكتور محمد عبد الوهاب خلاف ص ٣٢ نشر كلية الآداب بجامعة الكويت حوليات كلية الآداب الحولية الخامسة ١٤٠٤-١٩٨٤.
(٤) - تدل بعض الأخبار عن أن بعض المعلمين في المساجد كانوا يستعملونها لمهن أخرى كالخياطة فاقتضى الأمر فصلهم عن هذه المساجد. يراجع في ذلك كتاب رياض النفوس ١/٣٣٦.
(٥) - يمكن الرجوع إلى الصفحات التالية من "آداب المعلمين" ٩٤-٩٨-١٠٢-١٠٤-١٠٥-١١٨ إلخ.

وتخفى لدى باقي الحروف بغنة فرد واستمح عذبا ولو كان من صخر
وحكمك في التنوين والنون واحد نعمت بريا الردف مهضومة الخصر
ذكر الروم والاشمام
يرى رومنا والعمي(١) تسمع صوته وإشمامنا مثل الإشارة بالشفر
لورش وقد يقرا لقالون مثله حكى ذاك بعض المقرئين ذوو الستر
وأشمم ورم فيما تحرك لازما وليس بمفتوح، وقف غير مضطر(٢)
فإياك أن يغريك بالجهل من يغري

باب الامالة والفتح(٣)

إمالة ورش كلها غير محضة سوى الهاء من "طه"، وللفتح أستجري
قرا بين لفظيه "أرى" و"ترى" معا و"تترا" و"ما أدراك ما ليلة القدر"
و"ذكرى" و"بشرى" و"النصارى" ونحوه وفخم في الانفال، فاعرفه بالحزر(٤)
وان يلق حرف الراء في الوصل ساكن ففخم، وكن من حلبة العلم في الصدر
وان نونت راء كقولك في "قرى" محصنة "ناهيك من سورة الحشر
فتفخيمها في موضع النصب رأينا وترقيقها في موضع الرفع والجر
وقد ذكر(٥) التفخيم في الكل والذي بدأت به المختار في نحونا البصري
وان كسر (٦) راء قبلها ألف جرى أمال ولم يستثن حرفا من الذكر
كهار وجبارين والنار واجتهد قياسا فاني جئت من ذاك بالنزر
(١) - في أكثر النسخ "والاعمى يسمع صوته"، وأكثر طلبة القرآن ينشدونه كذلك.
(٢) - بعد هذا البيت في نسخة السيد محمد الرسموكي بيتان وهما:
ومن ضم ميم الجمع أسكن واقفا...... ففعلهما في الضم والكسر لازم... ورومك مخصوص بالجر وبالكسر
... ولاحظ فيه للضرير لأنه... كما قلت مرئي بالابصار كالبدر
... وأشمم ورم..." والبيت الثاني منهما ذكره ابن القاضي في الفجر لغير الحصري.
(٣) - في نسخة آسفي ذكر بدل باب.
(٤) - يعني "ولو أراكهم كثيرا" كما ذكره شارحه ابن الطفيل. وفي بعض النسخ "بالحذر" وهو تحريف.
(٥) - في بعض النسخ ومنها نسخة الشيخ الرسموكي "وقد ذكروا" بالجمع.
(٦) - في بعض النسخ وإن حرف راء "ولا يصح، لأن روشا لا يميل الألف إلا مع الراء المكسورة مثل في النار وكالفخار.


الصفحة التالية
Icon