وتوالت الرسائل من لدن أئمة العلم بالقيروان في هذا الموضوع، فكتب فيه أبو محمد بن أبي زيد عدة رسائل منها "رسالة فيمن تؤخذ عنه تلاوة القرآن، ورسالة إلى أهل سجلماسة في تلاوة القرآن" و"أجوبة القرويين"(١).
وكتب فيه أبو الحسن علي بن خلف القابسي (ت ٤٠٣) "كتاب المعلمين والمتعلمين"(٢)وكتب فيه من الأندلسيين من أهل قرطبة أحمد بن عفيف (ت ٤١٠) "كتاب المعلمين"(٣).
وكتب فيه القاضي أبو بكر بن العربي المعافري قاضي اشبيلية (ت ٥٤٣) "كتاب آداب المعلمين"(٤).
وأما نشأة هذه الكتاتيب فتكاد تكون مصاحبة لفتح هذه المناطق، وربما كان التبكير بإنشائها داخلا في السياسة العامة التي انتهجها الفاتحون لترسيخ شعائر الإسلام ومؤسساته فيها، وربما تم أكثر ذلك في البداية على أيدي بعثات الإقراء من التابعين، ثم اتسع الأخذ بها بعد أن أصبحت وظيفة اجتماعية يرتفق المعلمون بريعها في المعاش.
وقد حفلت المصادر التي تتحدث عن القيروان في زمن التابعين بأخبار هذه الحركة، فينقل المالكي في الرياض عن أبي الحسن الدارقطني بسند يتصل بغياث بن شبيب قال: "كان سفيان بن وهب ـ صاحب رسول الله ﷺ ـ يمر بنا ونحن غلمة بالقيروان، فيسلم علينا ونحن في الكتاب، وعليه عمامة قد أرخاها من خلفه"(٥).

(١) - ينقل عنها العلامة الشوشاوي في كتابه "الفوائد الجميلة" الباب السادس ٢٧٧-٢٨٨-٢٩١. وانظر الرسالتين الأولى والثانية في مؤلفات ابن أبي زيد في ترجمته في الديباج لابن فرحون ١٣٦-١٣٧.
(٢) - ذكرها له في الديباج ٢٠٠-٢٠١.
(٣) - ترتيب المدارك ٨/٨-٩.
(٤) - نقل عنه حسين بن طلحة الشوشاوي في الباب السادس من الفوائد الجميلة ص ٣٠٥.
(٥) - المالكي في رياض النفوس ١/٩١- والحضيكي في مناقب الحضيكي ٢/٤٠٣.

وكان يميل "الكافرين" إذا أتوا بياء ويغزو جيشهم دامي الظفر
وأما رؤوس الأي في مثل والضحى فإنا أملناهن من طرق المصري(١)
وحاميم ثم الهاء والياء بعدها قرات له بالفتح في أكثر العمر
وقالون يقرا الباب بالفتح لم يمل سوى حرف هار فك ربي غدا أسري
قرأت لعمري بالإمالة محضة فدونك علمي بالقبول وبالبشر(٢)
ووافق في التورية ورشا فخذ وزد ولا تجهلن فالجهل بالمرء قد يزري

باب الراءات

وفي الراء أصل بعد ذلك غامض تدق معانيه عن الكهل والغر
فقل أصلها تفخيمها غير أنها يرققها ورش مع الياء والكسر
إذا كسرت أو أمها قبلها أتت قرأت بترقيق وأنت على البر
وإن حال بين الراء والكسر ساكن وليس بمستعل فرقق بلا فتر
كذكر وبكر غير(٣) كبر فإنهم حكوا علة في مخرج الباء من كبر
وعشرون أيضا فخموه لعلة فسلني أجب واخطب عروسا بلا مهر
وذا حكمها مفتوحة غير احرف أدل عليها أو أنص ولا أكري
إذا لقيت مستعليا أو تكررت ففخم كذاك الأمر فيها بلا عسر
وفي "حصرت" حًلْف لدى الوصل بينهم وفي "إرم" التفخيم في نص والفجر
وحكمك في "حيران" تفخيمها وفي "عشيرتكم" في قصة الغزو والنفر(٤)
وإن حرف إطباق تقدم ساكنا ومن قبله كسر ففخم مدى الدهر(٥)
(١) - يعني ورشا، وفي بعض النسخ "المهري" بالهاء، وهو تحريف.
(٢) - سقط هذا البيت من نسخة آسفي.
(٣) - في نسخة الرسموكي "ثم كبر" ولا يصح، لأن عامة القيروانيين ابن سفيان وغيره استثنوه لورش.
(٤) - أي في سورة الأنفال.
(٥) - زاد في نسخة الشيخ الرسموكي البيت التالي:
... كمصر واصرهم وفطرت مثلهم... على مذهب الجمهور يا طالب الوفر
ورأيته بها في نسخ شيخنا هنا بلفظ: كمصر واصرهم واصرا ومع اصري فكن فطنا للنص واصحب ذوي النشر. ولا يخفى أن كل ذلك من الإضافات لظهور الركاكة في نظم الأول في قوله "مثلهم" بدل "مثلها" وأما الثاني فقد أدخل في الأمثلة "إصري" وهي مكسورة الراء، ولا مكان للراء المكسورة في التفخيم عند أحد.


الصفحة التالية
Icon