ونقرأ في أخبار البعثة العمرية الآنفة الذكر ـ أن كلا منهم قد اختط بالقيروان دارا لسكناه ومسجدا لعبادته وكتابا لتحفيظ القرآن(١).
ومن أصحاب الكتاتيب بالقيروان من التابعين شقران بن علي الهمداني "وكان يقرئ في كتاب منسوب إليه بالقيروان، وكان يقرئ فيه بالمجان(٢).
وفي أخبار الفقيه أسد بن الفرات قاضي القيروان المولود بها سنة ١٤٢هـ أنه "كان يشتغل في صباه بتعليم القرآن بقرية على وادي مجردة(٣).
وكان أحمد بن يزيد القرشي المعروف بالمعلم وبراوية الصمادحي يعلم القرآن في أول أمره(٤).
ويذكر عن عمر بن يمكتين ـ وهو من شيوخ الخوارج الاباضية ـ أنه "هو أول من علم القرآن بجبل نفوسة"(٥).
ويظهر أن هذا النوع من التعليم سرعان ما لقي الإقبال، فانتقل من المجانية إلى "المشارطة" عليه، وساعد على الأخذ بها ما أفتى به مالك وأصحابه من جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، ونقل القابسي عن مالك قوله: "كل من أدركت من أهل العلم لا يرون بأجر معلمي القرآن بأسا"(٦).

(١) - القراءات لهند شلبي: ١٣١ وما بعدها.
(٢) - مقدمة تحقيق كتاب آداب المعلمين لمحمد بن سحنون بقلم حسن حسني عبد الوهاب ص ٥٩- طبعة تونس ١٣٩٢-١٩٧٢.
(٣) - رياض النفوس ١/٢٥٥ ووادي مجرة أو "بجردة" من أشهر الأنهار التونسية.
(٤) - المصدر نفسه ١/٤٧٣ ترجمة ١٥٤.
(٥) - السير للشماخي ١٤٢ طبعة القاهرة ١٣٠١هـ.
(٦) - إيضاح الأسرار والبدائع شرح الدرر اللوامع لابن المجراد، ذكره عند قول ابن بري "وخير من علمه وعلمه".

وإن كان من "زد سوف تذنب ثم"(١) والذي قبله(٢) من أحرف الحلق في كسر
أو الكاف فالتفخيم عندي حكمها فكن يقظا أذكى ذكاء من الجمر
وفخم أيضا وزر أخرى لعلة و"ذكرك" أن الآي في نسق تجري
ورقق إسرافا "وإسرافنا" معا وفي راء "إجرامي" خلاف فخذ وفري
وإن وقع التنوين في الراء فخمت كذكرا فزد علما لعلك أن تثري
ولكن "صهرا" رققوه لهائه ولولا اختصار القول عللت ما ادري
ومهما تقع بالكسر أو تك أولا فلا خلف فيها بين زيد ولا عمرو
وإن لم تكن ياء ولا الكسر قبلها ففخم سوى ما قبل قولك "كالقصر"(٣)
وإن سكنت والياء بعد كمريم فرقق، وخطئ من يفخم بالقهر
ومن ذكر التفخيم في مثل "شرعة" فجاهده، إن الشر يدفع بالشر
وإن لقيت مستعليا نحو "فرقة" ففخم ورقق راء "فرق" بلا زجر
ولا تقر راء "المرء" إلا رقيقة لدى سورة الأنفال أو قصة السحر(٤)
وما لم أصفه بعد فهو مفخم تأمل فقد سهلت من أصلها الوعر
وما أنت بالترقيق واصله فقف عليه به لا حكم للطاء في "القطر"(٥)
(١) - تقدم ذكر هذا الرمز عند ابن الفحام الصقلي نقلا عن كتابه "التجريد".
(٢) - سقط لفظ "ثم" في سائر النسخ إلا في واحدة، ولفظ البيت فيها "وإن كان من زد سوف تذنب والذي أتى قبله من أحرف الحلق في كسر" ـ والصحيح ما أثبته وهو الموافق لما في التجريد.
(٣) - يعني "بشرر كالقصر" في سورة المرسلات.
(٤) - يعني قصة هاروت وماروت في سورة البقرة.
(٥) - هذا لفظ البيت في جميع النسخ التي اعتمدتها، وفي الفجر الساطع وغيره:
ووفقك بالاشمام والروم عندنا...... وما أنت بالترقيق واصله فقف... عليه به، إذ لست فيه بمضطر
وقد شرح مراد الحصري بهذا اللفظ على هذه الرواية، ثم ذكر الرواية التي أثبتناها وقال: "كذا لفظ البيت عند ابن آجروم وعند الجعبري كما تقدم". يعني أن رواية ابن آجروم في شرحه للشاطبية فيه "عليه به لا حكم للطاء في القطر"


الصفحة التالية
Icon