"وصل إلي مصحف جامع عتيق كتب في أول خلافة هشام بن عبد الملك(١)سنة عشر ومائة، وفيه الحركات والهمزات والتنوين والتشديد نقط بالحمرة على ما رويناه عن السالفين من نقاط أهل المشرق(٢).
وقد جاء في أخبار رحلة الغازي بن قيس ـ كما سيأتي ـ أنه "صحح مصحفه على مصحف نافع ثلاث عشرة مرة"(٣)، ومعنى ذلك أنه كان له مصحف شخصي خرج به في رحلته من قرطبة إلى المدينة فعرضه عليه، وذلك دليل على وفرة المصاحف عند أمثاله ممن كانوا يشتغلون مثله في التأديب. ويدل على هذه الوفرة عبارات كثيرة في محكم الداني يشير بها إلى مصاحف هذه الحقبة كقوله "وفي مصاحف أهل بلدنا القديمة"(٤)، وقوله "ووصل إلي مصحف جامع عتيق"(٥)، وقوله "وقد تأملت في مصاحفنا القديمة التي كتبت في زمان الغازي بن قيس"(٦)، وقوله "ورأيت في مصحف كتبه ونقطه حكم بن عمران الناقط ناقط أهل الأندلس في سنة سبع وعشرين ومائتين.."(٧).
ولا أدل على تلك الوفرة للمصاحف في الأيدي من الرواج الذي كان لمهنة النسخ حتى تعاطاه النساء، وهذا المراكشي صاحب المعجب ينقل عن ابن فياض صاحب تاريخ قرطبة قوله:
"كان بالربض الشرقي من قرطبة مائة وسبعون امرأة كلهن يكتبن المصاحف بالخط الكوفي" وعلق المراكشي على ذلك بقوله: "هذا ما في ناحية من نواحيها، فكيف بجميع جهاتها"(٨).

(١) - ولي هشام بعد أخيه يزيد سنة ١٠٥، ومات سنة ١٢٥ هـ. ينظر كتاب أسماء الخلفاء والولاة لابن حزم مجموعة رسائل ابن حزم ٢/١٤٤.
(٢) - المحكم ٨٧.
(٣) - غاية النهاية ٢/٢ ترجمة ٢٥٣٤.
(٤) - المحكم ١٧٤.
(٥) - نفسه ١٧٤.
(٦) - المحكم ٨.
(٧) - نفسه ٨٧.
(٨) - المعجب لعبد الواحد المراكشي ٥٢٠.

"قال الأستاذ أبو عمرو بن يونس في شرحه لقصيدة الحصري ـ رحمه الله تعالىـ:
"والمد عندي مع التسهيل أقوى وأقيس منه مع الحذف، لأن التسهيل بين بين يبى معه بعض الهمزة، بخلاف الحذف فإنه لم يبق منها معه بقية"(١).
٥- شرح الحصرية لأبي عبد الله محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان المعافري الشاطبي يعرف بابن أبي الربيع نزيل الاسكندرية (٥٨٥ـ٦٧٢)
ومؤلفه مقرئ جليل، ترجم له ابن عبد الملك وقال: أفتى بالاسكندرية ودرس وصنف فيما كان يتولاه من العلوم"(٢).
قال ابن الجزري:
"قرأ الروايات على محمد بن عبد العزيز بن سعادة، وقدم الاسكندرية فسمع من السلفي، وقرأ بها.." (٣).
ومن مؤلفاته "شرف المراتب والمنازل، في معرفة العالي من القراءات والنازل"(٤) ومنها: "المباحث السنية في شرح الحصرية"(٥)
٦- شرح القصيدة الحصرية لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن داود بن مطروح السريني من أهل المائة السابعة واسمه: "إبداء الدرة الخفية في شرح القصيدة الحصرية".
ولا اعلم لهذا الشرح وجودا في الوقت الحاضر، وإنما يوجد منه تقييد في بعض الخزائن المغربية(٦). وقد كان من الشروح المعتمدة في مسائل الخلاف بين الأئمة في قراءة نافع، وقد انفرد في توجيه أصول الأداء بآراء حكيت عنه، منها قوله عن الراءات " أصلها الترقيق، وإنما فخمت لشبهها بحروف الاستعلاء"(٧).
(١) - إيضاح الأسرار والبدائع لأبي الفضل بن المجراد (مخطوط) والفجر الساطع لأبي زيد بن القاضي (مخطوط).
(٢) - الذيل والتكملة ٦/٢٢٠ ترجمة ٦٤٧.
(٣) - غاية النهاية ٢/١٤٩ ترجمة ٣٠٤٤.
(٤) - إيضاح المكنون ٢/٤٧ـ٤٨.
(٥) - نفح الطيب ٢/٣٤٠ـ٣٤١ وهدية العارفين ٢/١٢٩ وإيضاح المكنون ٢/٤٢٢ والحلل السندسية ٣/٣٨٧.
(٦) - يوجد بالخزانة الناصرية بتمكروت في مجموع برقم ١٤٦٥.(دليل دار الكتب الناصرية ١٠٥ لمحمد المنوني).
(٧) - ذكره ابن القاضي في أول باب الراءات من الفجر الساطع.


الصفحة التالية
Icon