ولإعطاء بيان عن أهم الرجال الذين يمثلون كل طور من هذه الأطوار، نستعين بهذا النص لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت ٢٢٤) أول من ألف في القراءات(١)نقله عنه علم الدين السخاوي(٢)في كتابه "جمال القراء"، عن كتاب " القراءات" الذي أرخ فيه أبو عبيد لطبقات القراء والمقرئين إلى زمنه، وتحدث عن أهم الأئمة الذين انتصبوا للقراءة والرواية إلى نهاية المائة الثانية فقال:
"هذه تسمية أهل القرآن من السلف على منازلهم.."
"فمما نبدأ بذكره في كتابنا هذا سيد المرسلين وإمام المتقين محمد رسول الله ﷺ الذي أنزل عليه القرآن، ثم المهاجرون والأنصار وغيرهم من أصحاب رسول الله ﷺ من حفظ عنه منهم في القراءة شيء، وإن كان ذلك حرفا واحدا فما فوقه.
فمن المهاجرين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة ابن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان وعبد الله ابن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وعمرو بن العاص وأبو هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن السائب قارئ مكة".
ومن الأنصار ـ رضي الله عنهم ـ أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وزيد بن ثابت ومجمع بن جارية وأنس بن مالك " قال:
ومن أزواج النبي ﷺ عائشة وحفصة وأم سلمة.
قال أبو عبيد: وقد علمنا أن بعض من ذكرنا أكثر في القراءة من بعض، غير أنا سميناهم على منازلهم في الفضل والإسلام، وإنما خصصنا بالتسمية كل من وصف بالقراءة وحكي عنه منها شيء وإن كان يسيرا، وأمسكنا عن ذكر من لم يبلغنا عنه منها شيء، وان كانوا أئمة هداة في الدين.

(١) - قال ابن الجزري في النشر ١/٣٣-٣٤: "فكان أول إمام معتبر جمع القراءات في كتاب".
(٢) - سيأتي في أصحاب القاسم بن فيره الشاطبي وشارحي قصيدته حرز الأماني.

وتفخيم راء "القطر" باق لطائه وللحصري الأسنى النبيل مضى الضد(١)
وقول الإمام أبي العلاء إدريس بن عبد الله الودغيري المعروف بالبكراوي في قصيدة له جوابية: وللحصري فيها كلام بعيد ذا... سأذكره، وذاك بيتان من شعر:
فأولها را "المرء" مريم "قرية" فلا تجهلن فهي كالأنجم الزهر
"وإن سكنت والياء بعد كمريم فرقق، وخطئ من يفخم عن قهر
ولا تقر راء المرء إلا رقيقة لدى سورة الأنفال أو قصة السحر"
ولكن أخذنا بتفخيمها جرى كما نصه الشيخ الإمام أبو عمرو(٢)
وأما معارضتها أو النظم على منوالها فيمكن الوقوف على بعض الأمثلة منه عند طائفة من الأئمة منهم الإمام الأشيري(٣)، وقد نقل الإمام المنتوري من قصيدته أبياتا متفرقة في شرحه على الدرر اللوامع وتبعه ابن القاضي كقوله في باب الراءات:
ولكن ذكرى الدار مع شبه لها بدا رققت للضعف في الكاف والكسو (٤)
وكقوله عند ذكر الاشمام:
وقد قرا القراء طرا ونافع باشمام "تامنا" أمنت من الشر(٥)
(١) - سيأتي ذكر هذه الأبيات في جملة النماذج التي نذكرها من آثار القيسي بعون الله.
(٢) - من جملة قصيدة للناظم المذكور ذكرها في كتابه "التوضيح والبيان في مقرأ الإمام نافع بن عبد الرحمن" ص ٦٦.
(٣) - لعل المراد به عبد الله بن محمد ن عبد الله بن علي الأشيري أبو محمد المغربي نسبة إلى أشير مدينة قبالة بجباية بالجزائر كان يخدم في بعض الأمور بدولة عبد المومن الموحدي ثم هاجر إلى المشرق ونزل حلب وحظي هناك توفي سنة ٥٦١ ـ ترجمته في انباه الرواة للفقطي ٢/١٣٧ـ١٤١ ترجمة ٣٥٥.
(٤) - شرح المنتوري ٢٥١.
(٥) - الفجر الساطع ١٤٥ (مخطوط).


الصفحة التالية
Icon