فأما سالم الذي ذكرناه فإنه كان مولى لامرأة من الأنصار، وانما ذكرناه في المهاجرين لأنه خرج مع أبيه مهاجرا إلى رسول لله ـ ﷺ ـ ولم يكن من ساكني المدينة، فهو مهاجري الدار أنصاري العداد، ونسبه في عبس بن قيس عيلان ـ قال أبو عبيد ـ رحمه الله ـ:
ثم التابعون فمنهم من أهل المدينة سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز – قد كان بالمدينة والشام ــ وسليمان بن يسار وعبد الرحمان بن هرمز ــ الذي يعرف بالأعرج ــ وابن شهاب وعطاء بن يسار ومعاذ بن الحارث – الذي بعرف بمعاذ القارئ ــ وزيد بن أسلم" قال:
ومن أهل مكة عبيد الله بن عمير الليثي وعطاء بن أبي رباح وطاووس وعكرمة مولى ابن عباس وعبد الله بن أبي مليكة".
ومن أهل الكوفة علقمة بن قيس والأسود بن يزيد ومسروق بن الأجدع وعبيدة السلماني وعمرو بن شرحبيل والحارث بن قيس وربيع بن خيثم وعمرو بن ميمون وأبو عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش وأبو زرعة بن عمرو بن جرير وسعيد بن جبير وإبراهيم بن يزيد النخعي وعامر الشعبي، وهو عامر بن شراحيل.
ومن أهل البصرة عامر بن عبد الله ـ وهو الذي يعرف بابن عبد قيس، كان يقرئ الناس، وأبو العالية الرياحي وأبو رجاء العطاردي ونصر بن عاصم الليثي ويحيى بن يعمر ـ ثم انتقل إلى خراسان ـ وجابر بن زيد والحسن بن أبي الحسن ومحمد بن سيرين وقتادة بن دعامة".
ومنهم صاحب "القصيدة الحسنية، المتضمنة لقراءة نافع السنية"(١)، وقد نقل عنها ابن القاضي في باب المد قوله:

"وأما "تواخذنا" والن" مكرر بيونس في التقدير منها وفي القدر
والاولى لدى والنجم فاقرأ لنافع بها دون تمكين سقيت حيا القطر
ومن معارضاتها قصيدة الوقف المسماة أيضا بالأجوبة المحققة للإمام القيسي الآتية التي أولها قوله:
أيا طالبا في الوقف حكما ممهدا على كل حرف حين يتلى من الذكر(٢)
ومنها القصيدة المسماة "بستانة المبتدي "لمحمد بن إبراهيم البوجرفاوي المعروف بأنجار، وأولها قوله:
بدأت باسم الله ثم صلاته على أحمد المبعوث للعبد والحر(٣)
إلى غير ذلك مما نجده عند المغاربة من النظم على منوالها أو في موضوعها على وزنها ورويها.
أما العناية بالقصيدة عند المشارقة فتتجلى في كتبهم، وقد تمثل بعضها فيما هو متداول منها كإبراز المعاني لأبي شامة(٤) والنشر لابن الجزري ومنجد المقرئين له(٥) ولطائف الإشارات للقسطلاني(٦) وغيرها.
خاتمة:
وهكذا كان للإمام الحصري من خلال هذه القصيدة عظيم الفضل في التعريف بمذاهب مدرسته وتخليد اختياراتها الادائية في ساحة الإقراء وفي مؤلفات القراء، كما كان له عظيم الفضل في ترسيخ المعرفة بأصول قراءة نافع من روايتيها المشهورتين، على النحو السائر الذي كان عليه أهل المغرب في زمنه قبل أن تستحوذ على الميدان مدرسة أبي عمرو الداني وأصحابه عن طريق التيسير والشاطبية وأرجوزة ابن بري وغيرها.
(١) - لم يذكر ابن القاضي مؤلفها وإنما قال: "وقال في القصيدة الحسنية.. إلخ، وقد رجحت آنفا أنها من نظم أبي العباس أحمد بن محمد الحسني صاحب كتاب "نظم الفريد، في أحكام التجويد" توفي سنة ٧٣٧ له ترجمة في درة الحجال ١/٢٨ ترجمة ٣٠.
(٢) - ستاتي كاملة في ترجمته.
(٣) - مخطوطة خاصة.
(٤) - براز المعاني ٥٣ـ٨٧ـ٨٨ـ٩٢.
(٥) - النشر ١/٩٦ـ٣٣٥ـ٣٤٦ـ ٢/١٠٢ـ١١٠ـ١٢٤ـ١٩٤، منجد المقرئين ٤.
(٦) - لطائف الإشارات ١/٣٣٥.


الصفحة التالية
Icon