وكان إسماعيل يروي عن عبد الله بن عمرو وفضالة بن عبيد وعن جماعة من التابعين، أما الرواة عنه فقد شحت المصادر بذكرهم، واكتفت من أهل الشام بذكر أبي عمرو الأوزاعي(١)وسعيد بن عبد العزيز التنوخي(٢)ومن أهل افريقية بذكر زياد بن أنعم(٣).
ظهور القراءة الجماعية:
ولا نتجاوز هذه الشخصية دون أن نلفت النظر إلى ملاحظة قيمة ينبغي إبداؤها، وهي اقتران اسمه بظهور القراءة الجماعية، أي بقراءة القرآن في جماعة دفعة واحدة، فيما أطلق عليه يومئذ "الدراسة" وهو أمر لاقى من أول ظهوره موجة من الاستنكار، واعتبر من البدع والمحدثات(٤).
(١) - هو إمام أهل الشام في الففه توفي سنة ١٥٧ هـ، وسيأتي ذكره عند ذكر الأوزاعية بالأندلس.
(٢) - هو أبو محمد التنوخي "من فقهاء أهل الشام وعبادهم وحفاظ الدمشقيين وزهادهم، مات سنة ١٦٧ هـ وهو ابن بضع وسبعين سنة". مشاهير علماء الأمصار لابن حبان ١٨٤ ترجمة ١٤٦٦.
(٣) - رياض النفوس ١/١١٦– طبقات علماء افريقية لأبي العرب ٢٠– ومعالم الإيمان ١/٢٠٣-٢٠٦.
(٤) - تاريخ دمشق لابن عساكر ٢/٤٩-٥٠ طبعة دمشق ١٩٥٤.
(٢) - هو أبو محمد التنوخي "من فقهاء أهل الشام وعبادهم وحفاظ الدمشقيين وزهادهم، مات سنة ١٦٧ هـ وهو ابن بضع وسبعين سنة". مشاهير علماء الأمصار لابن حبان ١٨٤ ترجمة ١٤٦٦.
(٣) - رياض النفوس ١/١١٦– طبقات علماء افريقية لأبي العرب ٢٠– ومعالم الإيمان ١/٢٠٣-٢٠٦.
(٤) - تاريخ دمشق لابن عساكر ٢/٤٩-٥٠ طبعة دمشق ١٩٥٤.
نشأ بهذه المدينة، وقرأ القرآن وأتقن القراءت على بعض مشايخه بها ـ كما سيأتي ـ، ثم رحل إلى بلنسية فقرأ بها القراءات وعرضها، وعرض "التيسير" من حفظه على أستاذ المدرسة الأثرية وعميدها في زمنه أبي الحسن علي بن محمد بن هذيل، وسمع بها الحديث والققه، ودرس العربية والآداب وغير ذلك من علوم الرواية على جماعة من المشايخ سيأتي ذكرهم، ثم رجع إلى شاطبه فبدأ صيته ينتشر، وجلس إليه لهذا العهد بعض أصحابه بها فقرأوا عليه القراءات، وخطب ببلده على فتاء سنه(١).
ويظهر أن لولايته الخطابة ببلده علاقة قوية بهجرته من الأندلس إلى المشرق بعد انتقال الحكم إلى الموحدين الذين كانوا يدعون لإمامهم "المهدي" ويصفونه بالهداية والعصمة وغير ذلك ويترضون عليه على المنابر.
وقد ذكر الحافظ أبو شامة نقلا عن شيخه أبي الحسن السخاوي تلميذ الشاطبي أن الحامل له على مغادرة البلد أنه "أريد على أن يتولى الخطابة ببلده، فاعتذر بعزمه على الحج تورعا مما كانوا يلزمون به الخطيب من ذكر الأمراء على المنبر بأوصاف لم يرها سائغة شرعا"(٢).
ومهما يكن فإنه قد غادر الأندلس إلى غير رجعة، ووصل إلى مصر فنزل أولا بالاسكندرية، ولقي شيخها ومسندها الحافظ أبا طاهر السلفي وغيره من شيوخ الرواية.
ولما دخل مصر وحل بالفسطاط أكرمه القاضي عبد الرحيم بن علي البيساني المعروف بالقاضي الفاضل(٣) وعرف مقداره، وكان قد تصدر أولا في جامع عمرو بن العاص، للإقراء والإفادة، فنقله القاضي المذكور إلى مدرسته التي أنشأها بـ"المعزية القاهرة"، وأفرد له فيها حجرة لطيفة مرخمة على يسار الداخل من الباب، وأفرد لأهله دارا أخرى خارج المدرسة، ولم يزل على ذلك إلى وفاته"(٤).
(١) - نفح الطيب ٢/٢٣٠ والحلل السندسية ٣/٢٧٨.
(٢) - الذيل على الروضتين لأبي شامة ٧.
(٣) - كان وزيرا لصلاح الدين الايوبي ترجمته في وفيات الاعيان ٣/١٥٨ـ١٦٣.
(٤) - انباه الرواة ٤/١٦٠ ترجمة ٩٤٢.
(٢) - الذيل على الروضتين لأبي شامة ٧.
(٣) - كان وزيرا لصلاح الدين الايوبي ترجمته في وفيات الاعيان ٣/١٥٨ـ١٦٣.
(٤) - انباه الرواة ٤/١٦٠ ترجمة ٩٤٢.