والذي يهمنا بالنسبة لمترجمنا إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ما ذكره عنه ابن عساكر وعن بعض أبنائه في هذا الصدد في قوله: "فممن كان يحضر "الدراسة" ممن يوصف بالعلم أو بالرياسة.. إسماعيل ابن عبيد الله بن أبي المهاجر، وقد ولي افريقية لهشام بن عبد الملك(١)وابناه: عبد الرحمن ومروان ابنا إسماعيل"(٢).
وعلى هذا فيمكن أن يكون لهذا الوالي وولديه أثر في إدخال هذا النمط من تلاوة القرآن، وهو نمط استحسنه غير واحد من المتأخرين لقيمته التعليمية ـ كما سيأتي ـ وربما كان أخذه له عن امام أهل الشام بعد ابن عامر: صاحبه يحيى بن الحارث الذماري ـ امام المسجد الجامع الأموي وشيخ القراءة بدمشق، يقول عبد الملك بن العلاء أحد تلامذته:
"كنا ندرس في مجلس يحيى بن الحارث في مسجد دمشق في خلافة يزيد بن عبد الملك (١٠١-١٠٥) إذ خرج علينا أمير دمشق الضحاك بن عبد الرحمن(٣)... فأقبل علينا منكرا لما نصنع، فقال: ما هذا؟ وما انتم؟ فقلنا: ندرس كتاب الله، فقال: أتدرسون كتاب الله تعالى؟ ان هذا لشيء ما سمعته ولا رأيته، ولا سمعت أنه كان قبل"(٤).
(٢) - تاريخ دمشق ٢/٥٠.
(٣) - هو أبو زرعة الضحاك بن عبد الرحمان بن عزرب الأشعري البصري من علماء التابعين بالشام وصالحيهم ذكره ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار ١١٥ ترجمة ٨٨٦ وذكر النووي إنكاره في التبيان ٥٧.
(٤) - تاريخ دمشق ٢/٥٢.
وقال ابن الجزري: "وقبره مشهور معروف يقصد للزيارة، وقد زرته مرارا، وعرض علي بعض أصحابي الشاطبية عند قبره.." (١)، قال ابن عبد الملك: وكانت جنازته مشهودة لم يتخلف عنها كبير أحد، وأسف الناس لفقده(٢).
مشايخه في القراءات وعلوم الرواية ومروياته
١- محمد بن علي بن محمد بن أبي العاص النفزي أبو عبد الله بن اللايه(٣) الشاطبي الضرير
قال ابن الأبار: "أخذ القراءات عن أبي عبد الله بن سعيد(٤) بدانية، وتصدر ببلده للإقراء، ومنه أخذ شيخنا أبوعبد الله بن سعادة المعمر، وأبو القاسم بن فيره، وقال فيه القاضي أبو بكر بن مفوز: هو من شيوخي في القرآن، وكان من أهل الدين والفضل والمعرفة في القراءات، أخذ عنه في سنة ٥٥٥"(٥).
وذكر ابن عبد الملك نحوا من هذا وقال: "وكان من أهل المعرفة بالقراءات وطرقها.." (٦).
وذكره في النفح في شيوخ الشاطبي فقال: "قرأ القراءات بشاطبة وأتقنها على النفزي، ثم انتقل إلى بلنسية فقرأ بها "التيسير" من حفظه على ابن هذيل"(٧).
وقد لاحظ ابن الأبار في تاريخه ـ فيما نقل الذهبي ـ أن الشاطبي أسند القراءات في بعض إجازاته من طريقه وحدها ـ قال ـ: وقفت على نسخة من إجازته حدث فيها بالقراءات عن أبي عبد الله بن اللايه عن أبي عبد الله بن سعيد، ولم يحدث فيها عن ابن هذيل"(٨).
(٢) - الذيل والتكملة السفر ٥ القسم ٢/٥٥٧ ترجمة ١٠٨٨.
(٣) - ضبطها بضم الياء المثناة من تحت وسكون الهاء كما في غاية النهاية ٢/٢٠٤ ترجمة ٣٢٦٣.
(٤) - هو محمد بن الحسن المعروف بابن غلام الفرس من كبار أصحاب أبي داود من اهل دانية.
(٥) - التكملة ١/٤٥٠ ترجمة ١٢٨٦.
(٦) - الذيل والتكملة ٦/٤٨٣ ترجمة ١٢٤٣.
(٧) - نفح الطيب ٢/٢٣٠.
(٨) - معرفة القراء الكبار للذهبي ٢/٤٥٨ طبقة ١٤.