إن هذه المعلومات ذات أهمية بالغة في التاريخ العلمي لحياة أبي الحسن بن بري، وقد بقيت على مالها من بالغ الأهمية مغمورة لا يفطن لوجودها أحد، ولذلك ظل اسمه في التلمذة مقترنا بالشيخ الوحيد الذي اقتصر على ذكره في أرجوزته "الدرر اللوامع"، ولولا أن الإسحاقي ينقل مباشرة عن إجازة لابن بري ذكر أنه ضمنها ذكر أولئك الشيوخ لأمكن التردد في قبول خبره، وذلك لسكوت عامة المصادر والشروح التي قامت على بيان مقاصده في أرجوزته، ولأن أحدا ممن ترجموا له لم يذكر له شيئا من ذلك، ولا عرفت له رحلة يأخذ فيها عن مثل أبي جعفر بن الزبير المتصدر بغرناطة، وبهذا يكون الإسحاقي قد وضع في أيدي الباحثين مفتاحا مهما لدراسة حياة ابن بري ومكنهم من الكشف عن حلقة مفقودة من تاريخ مشيخة القراءات عنده، لأن الاعتقاد السائد أنه كان لا يحسن غير قراءة نافع التي نظم فيها أرجوزته، وأنه بالتالي لم يأخذ إلا عن أبي الربيع بن حمدون، هذا مع أن نظم أرجوزته قد كان سنة ٦٩٧هـ أي في سن الشباب من عمره، وذلك لا يمنع أن يكون قد قرأ على من ذكر بغير ما ذكر من الروايات، أو أن قراءته على غير أبي الربيع قد تأخرت إلى ما بعد نظمه لأرجوزته، فشيوخه على هذا هم :
١- أبو جعفر أحمد بن إبراهيم.. بن الزبير الغرناطي الحافظ المشهور (ت ٧٠٨ هـ).
ولعل أخذه عنه قد تم في مدينة سبتة التي كان ابن الزبير يتردد عليها بعد أن أصبحت ولاية تابعة لمملكة بني الأحمر بغرناطة سنة ٧٠٥(١).
٢- أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد القرطبي شيخ الجماعة بفاس (ت ٧٣٠هـ).