وقد حدد الإسحاقي تاريخ توليه لمهمة الكتابة بالديوان المذكور بفاس بسنة أربع وعشرين وسبعمائة"(١)، وهذا تاريخ متأخر جدا بالقياس إلى صلة أبي الحسن بن بري بفاس، وحتى بالبلاط الرسمي، وربما بدأت هذه الصلة أولا في تازة نفسها، فيكون قد اتصل بأبي سعيد عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني الذي يذكر ابن أبي زرع أنه "بويع له بالخلافة ليلة الأربعاء منسلخ جمادى الأخرى(٢) من سنة عشر وسبعمائة بقصبة تازة، بايعه الوزراء والكتاب والأشياخ والخاصة... ثم قال بعد كلام: "لما أصبح ركب من قصر رباط تازة إلى خارج المدينة في زي عجيب واحتفال عظيم، فجددت له البيعة هناك، وبايعه جميع قبائل مرين وكافة العرب والأندلس والاغزاز وقواد الروم، ثم بايعه الفقهاء والقضاة والخطباء والصلحاء وأشياخ المدينة، بيعة عامة من جميع الناس عن رضا من قلوبهم، وطيب نفوسهم اختيارا له على من سواه(٣).
وذكر في هذا السياق أن أبا سعيد المذكور "بعث ولده الأمير الأجل المبارك الأسعد الأكمل أبا الحسن عليا إلي مدينة فاس، فوصلها في وقت العصر من يوم الأربعاء غرة شهر رجب من سنة ٧١٠هـ، فدخل المدينة الجديدة دار ملكهم وقرار سلطانهم، فملكها وضبط أمرها"(٤).
فغير بعيد أن تكون صلة ابن بري بالبلاط الرسمي قد بدأت منذ هذا العهد، وعلى الأقل في إطار تعليمي أو في الوفادات في المناسبات الخاصة التي ينتدب فيها العلماء والقراء لتقديم الولاء للدولة.

(١) - الرحلة الحجازية للاسحاقي مخطوطة القرويين لوحة ٢٩.
(٢) - كذا وقد أنكر أبو الحسن بن بري كما سيأتي وصف جمادى بهذه الصيغة قال : والصواب "الأخيرة أو الآخرة.
(٣) - الأنيس المطرب بروض القرطاس ٣٣٩٦-٣٩٧.
(٤) - الأنيس المطرب ٢٩٦.


الصفحة التالية
Icon