"الحمد لله الذي جعل من البيان سحرا، ومن الشعر حكما، وأظهر أسرار اللغة العربية في فنونها الأدبية، فقلدها من خلدها نثرا ونظما... إلى أن يقول عن منهجه في الاختصار :"وقد أسقطت كثيرا من الكلام المنثور والشعر المستغلق غير المأثور، وربما أضفت زيادة يسيره، والله تعالى يبلغ فيه الأمل، ويختم لنا بصالح القول والعمل، بمنه"(١).
١٨-
متفرقات، ومنها هذه القطعة الأدبية التي نشرها بعض الباحثين(٢) نقلا عن مخطوطة ديوان أبي العباس الهلالي الذي جمعه أبو الربيع الحوات (ت ١٢٣هـ)، يصف فيها الشعر ويذكر أقسامه ومراتبه، وهي من نتفه الأدبية التي تمثل لنا جانبا من حسه النقدي الرفيع، وذوقه الأدبي البديع، فيقول :
"الشعر مطبوع ومصنوع، فالمطبوع الجيد الطبع مقبول السمع، قريب المثال، بعيد المنال، أنيق الديباجة، رقيق الزجاجة، يدنو من فهم سامعه، كدنوه من وهم صانعه، والمصنوع مثقف الكعوب، معتدل الأنبوب، يطرد ماء البديع على جنباته، ويجول رونق الحسن في صفحاته، كما يجول السحر في الطرف الكحيل، والأثر في السيف الصقيل".
تلك هي الآثار المعروفة لابن بري، وهي في تنوعها واختلاف مجالاته فيها خير شاهد على مكانته العلمية وموسوعيته الثقافية وثمثيله في زمنه مستوى القارئ المغربي في حذقه وشمولية معارفه.
(٢) - نقلها الأستاذ عبد القادر زمامة في "الوجادات" ونشرها بمجلة دعوة الحق العدد ٢٧٧ جمادى الأولى=١٤١٠هـ- دجنبر ١٩٨٩ ص ١٢٣.