كما نحرج منها بما ذكر من أن رواية البلفيقي هي الأخيرة، بل عبر المنتوري عند ذكر مخرج الجيم والياء والشين في "الذيل" بأن "رواية البلفيقي هي الأخيرة عن الناظم"، وكأنه يرى أن غيرها مرجوع عنه، وإن كان هو نفسه كثيرا ما يعتمد الرواية المشهورة، ويكتفي بالتنبيه على مخالفة رواية البلفيقي لها، وقد أسند الأرجوزة - كما سيأتي - من ثلاث طرق أعلاها عن أبي الحجاج المكناسي قراءة من حفظه عليه كما ذكره في أول شرحه ونبه عليه أيضا في فهرسته.
وكما رأينا أن رواية البلفيقي تخالف في غالب الأحيان باقي الروايات في اقتراح بعض التعديلات، فإنها في باب الراءات تقترح إسقاط بيت بشطريه ورد في الأجوزة تمثيلا واستطرادا حيث نجد ابن بري يقول في بيان حكم الراء المفتوحة المسبوقة بكسرة حال بينها وبينها ساكن من أحرف الاستعلاء غير الخاء:

إلا إذا سكن ذوا استعلاء بينهما إلا سكون الخاء
فإنها قد فخمت كـ"مصرا" و"إصرهم" و"فطرة" و"وقرا"
قال المنتوري: ثبت في رواية الحضرمي والمكناسي البيتان الأخيران(١)، وحوز عليهما في رواية البلفيقي، والأولى إثباتهما، وقد وقفت عليهما بخط الناظم.
ونكتفي بهذه النماذج، ولعل فيها ما يكفي شاهدا على ما ذكرناه من إكباب ابن بري رحمه الله على أرجوزته هذه يحررها وينقحها، ويفاوض فيها أثناء شرحها بعض النابهين من أصحابه ثم يجري من التعديل عليها ما يراه ضروريا، قال أبو محمد بن مسلم في شرحه عند قول ابن بري في باب الإدغام:
ويظهران "هل" و"بل" للطاء والظاء والتاء معا والثاء
(١) يعني شطري البيت كما تقدم.


الصفحة التالية
Icon