وهذا الذي ذكر الجادري هو الذي ذهب إليه مسعود جموع والأكثرون من الشراح مقتصرين عليه وهو الذي ذهب إليه الونشريسي في وفياته(١)، وزاد الوزير أبو محمد الإسحاقي تدقيقا فذكر وفاته "بتازة يوم الثلاثاء ٢٣ من شهر شوال عام ٧٣٠"(٢)، وأبعد إسماعيل باشا البغدادي في ذكره وفاته سنة ٧٠٩هـ كما نبه على ذلك بعض الباحثين(٣)، وإنما الذي توفي في هذه السنة كما تقدم هو شيخه أبو الربيع بن حمدون.
ولعل عامة من ذكروا دفنه بفاس إنما قلدوا ابن عبد الكريم الذي ذكر مقيد شرحه عنه قوله: "وكانت قراءته على شيخه بتازة، وتوفي - عفا الله عنه - بمدينة فاس، لأنه دعاه السلطان إليها حين دعاه الأمير أبو الحسن في خلافة أبيه، فكان يقرأ في الدار البيضاء، فأجابه، فيقي يقرأ عليه فيها حتى توفي بها...".
وقد كان يمكن الجمع بين قوله هذا وبين غيره باحتمال وفاته في فاس وحمله إلى تازة ليدفن بها، لولا أن المؤلف قال مرة أخرى بعد أن ترجم لأبي الربيع بن حمدون: "وأما المؤلف فإنما دفن بمدينة فاس، وكانت قراءته على شيخه بتازة حتى دعاه السلطان إلى فاس"(٤).
ولعل الاختلاف في موضع دفنه لا مكان له أمام ما هو متواتر عند أهل تازة من كونه مدفونا بها مع شيخه أبي الربيع وعلى قبرهما قبة(٥)، وقد ذكرنا زيارة الإسحاقي لقبره في جملة ما وقف عليه من مشاهد المدينة.
(٢) الرحلة الحجازية لوحة ٢٩ مخطوطة القرويين.
(٣) الأستاذ محمد بن أحمد الأمراني (مجلة الأحياء المجلد ٦ الجزء ١/١٠٦). وما أشار إليه عند البغدادي ذكره في إيضاح المكنون ذيل كشف الظنون مجلد ١/ع٤٦٨ وقد أعاد كتابة العدد بالحروف، كما ذكره مرة أخرى في هدية العارفين في أسماء المؤلفين له ١/ع٧١٦.
(٤) الفصول لابن عبد الكريم وسيأتي في الشروح على الدرر.
(٥) الأستاذ محمد بن أحمد الأمراني ١٠٦ من الأحياء المذكور أعلاه.