فأحسب مرده إلى غير ما قاله من كونهم قدموا قالون لأنه مدني عن مدني، وإنما لسيادة مدرسة أبي عمرو الداني وسيطرتها على ميدان المشيخة بعد زمن الشاطبي أي منذ أول المائة السابعة بحيث سلكوا مسلك أصحاب أبي عمرو الذين كانوا يقرأون ويقرئون بمضمن "التيسير" أو "الشاطبية" فجرى ترتيبهم على ذلك لا يتجاوزونه.
٥- في اعتماده طريق أبي عمرو الداني خاصة دون غيرها.
وقد نبه الناظم على ذلك، وأشار الشراح إلى فعله لذلك ليميز بين هذه الطريق وباقي طرق القراءة عند المغاربة كطريق مكي بن أبي طالب وطريق أبي عبد الله بن شريح أو طريق الأهوازي مما كانت القراءة بمضمنه معروفة في زمنه.
ويلاحظ أن الناظم لم يشر إلى الكتاب الذي سيعتمده من كتب أبي عمرو في هذه الأرجوزة، وإن كان الذهن يتطرق عند الإطلاق إلى أشهر كتبه وهو "كتاب التيسير"، ولعله تعمد ذلك حتى يتأتى له أن يستفيد من كتبه الأخرى كالإيجاز والتلخيص ورواية ورش من طريق المصريين وغيرها من كتبه في قراءة نافع.
٦- في اتباعه كثيرا للشاطبي، وهو تأكيد منه على التزامه بمذاهب المدرسة الأثرية الاتباعة.
وقد أشار الإمام المنتوري في مواضع من شرحه إلى ذلك فقال عند قول ابن بري في باب "البسملة":
قالون بين السورتين بسملا | وورش الوجهان عنه نقلا |
وقال في أول الذيل الذي ألحقه ابن بري بأرجوزته: "ولما كان الناظم قد اتبع الشاطبي في ذكر مسائله، وترتيب أبوابه، وجعل الشاطبي آخر قصيدته "باب مخارج الحروف وصفاتها"، جعل الناظم بعد تمام رجزه في قراءة نافع هذا المنظوم وسماه بـ"الذيل في مخارج الحروف وصفاتها"(٢).
(٢) المصدر نفسه لوحة ٤١٩.