٧- في استقلاليته ببعض الاختيارات التي ربما خالف فيها التيسير والشاطبية معا، مما يتجلى فيه نضج شخصيته.
ومن أمثلة ذلك ما ذهب إليه في قوله في باب المد مشيرا إلى تقدم الهمزة على حرف المد واللين:

وبعدها ثبتت أو تغيرت فاقصر، وعن ورش توسط ثبت
حيث ذكر أولا وجه القصر لورش وقالون معا، ثم عطف عليه وجه التوسط لورش، في حين أن الداني إنما ذكر في "التيسير" الوجه الآخر حيث قال: "فصل، وإذا أتت الهمزة قبل حرف المد، سواء كانت محققة أو ألقى حركتها على ساكن قبلها، أو أبدلت نحو قوله "ءادم" و"ءازر"... فإن أهل الأداء من مشيخة المصريين الآخدين برواية أبي يعقوب عن ورش يزيدون في تمكين حرف المد في ذلك زيادة متوسطة على مقدار التحقيق"(١).
فأبو عمرو لم يذكر وجه القصر في التيسير، ثم جاء الشاطبي فأضاف إلى القصر الذي زاده ابن بري وجها ثالثا، وهو الإشباع، وقدمه في الذكر فجعله بين القصر والتوسط في قوله:
وما بعد همز ثابت أو مغير فقصر وقد يروى لورش مطولا
ووسطه قوم كآمن هؤلا ء ءالهة ءاتى للإيمان مثلا
وبهذا يكون ابن بري قد خالف صاحب التيسير في ذكره للقصر، وخالف الشاطبي في عدم ذكره للإشباع.
ويشهد لما ذكرناه من أنه لم يلتزم بما في التيسير ذكره لبعض الجزئيات التي لم يعرج عليها كقوله أيضا في باب المد:
وفي يؤاخذ الخلاف وقعا وعادا الأولى والآن معا
فإن صاحب التيسير لم يذكر هذا اللفظ تماما ولا استثناه من أصل ورش أعني الخلاف في "يؤاخذ"(٢)، وإنما ذكر في "إيجاز البيان" إجماع أهل الأداء على ترك زيادة التمكين في الألف(٣).
(١) التيسير ٣١.
(٢) التيسير ٣١.
(٣) نقله ابن الجزري في النشر ١/٣٤٠.


الصفحة التالية
Icon