وقال في "المفردات": وكلهم لم يزد في تمكين الألف في قوله تعالى: "لا يواخذكم الله" ولا تواخذنا، ولو يواخذ، حيث وقع، قال: : وكأن ذلك عندهم من واخذت غير مهموز، قال ابن الجزري: "وكذلك استثناها في جامع البيان ولم يحك فيها خلافا"(١).
ومن هذا القبيل مما تفرد به عن التيسير والشاطبية وإن كان مذكورا في الاقتصاد والإيجاز وجامع البيان وغيرهما من كتب أبي عمرو ما نبه عليه بقوله في باب المد:

"وألف التنوين أعني المبدلة منه لدى الوقوف لا تمد له"
فقد ذكر ابن القاضي مصادره المذكورة ثم قال: "تنبيه"، لم يذكر هذه المسألة في "حرز الأماني" ولا في "التيسير"، وقد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر(٢).
ويجري هذا المجرى أيضا قوله في باب الراءات:
"والخلف في وصلك "ذكرى الدار" "ورققت في المذهب المختار"
فإن هذه المسألة غير منصوصة في التيسير ولا في الشاطبية، بل قال أبو عبد الله الخراز: "وهذا الخلاف لم أره لأحد، إلا لأبي العباس بن حرب(٣) فإنه ذكر ذلك في كتابة الموضوع في رواية ورش(٤)، وأظنه أخذ ذلك من قول أبي عمرو في "إيجاز البيان"، وانظر نصه(٥).
ولا يتسع المجال لمزيد من المقارنة بين أرجوزة ابن بري وبين تأليفي الداني والشاطبي، وفي الأمثلة التي قدمنا كفاية، ومنها يتجلى مقدار وفاء ابن بري للمدرسة الأثرية، ومدى اطلاعه على تراثها وانتفاعه به.
(١) النشر ١/٣٤٠.
(٢) الفجر الساطع (باب المد).
(٣) هو أحمد بن محمد بن سعيد بن حرب اللخمي المسيلي الأشبيلي صاحب كتاب "التقريب في القراءات السبع"، تقدم أنه قرأ على خازم صاحب مكي وأبي داود صاحب أبي عمرو، وتوفي بعد سنة ٥٣٩. ترجمته في الذيل والتكملة السفر الأول القسم ٢/٤٢٧ ترجمة ٦٣١.
(٤) المقصود كتاب "التقريب والحرش".
(٥) ذكره في باب الراءات من "القصد النافع".


الصفحة التالية
Icon