وحسب ابن بري أخيرا وحسب أرجوزته قيمة واعتبارا أن ينتصب وتنتصب في ساحة الإقراء بإزاء مصنفات الجلة وقصائدهم من فحول رجال المدرسة الأندلسية والمغربية، وأن تزاحم غيرها على مركز الصدارة حتى تحتل منه في الذروة والسنام، بكامل التلقائية وبدون حاجة إلى تشجيع من هيئة أو سطان.
الفصل الثالث:
أثر الأرجوزة في توجيه المسار الرسمي في القراءة بالمغرب وبلورة الطراز المغربي الخاص وما كان لها عبر العصور من إشعاع علمي من خلال شروحها والتذييل عليها.
على الرغم من أننا لا نملك أن ندعي لأبي الحسن بن بري الريادة في نظم أصول قراءة نافع ولا سيما في رواية ورش من هذه الطريق لتقدم بعض الأعلام عليه بالتأليف والنظم من أمثال أبي عبد الله بن القصاب وأبي عبد الله ابن آجروم صاحب "البارع في قراءة نافع"، فإننا مع ذلك إذا نظرنا إلى جهة التأثير والإشعاع العام نجده أوفر حظا منهم وأعمق تأثيرا وأوسع جمهورا، فلقد كتب لأرجوزته من الذيوع والانتشار ما لم يكتب لإنتاج من نوعها في فنها مما عبر عنه شارحها الأول أبو عبد الله الخراز الذي مات سنة ٧١٨هـ أي قبل موت ناظمها بأزيد من ثلاث عشرة سنة، ومع ذلك نجده يقول في مقدمة شرحه عليها منوها باشتهارها: "فتداولها الناس في البلدان، وتعاهد درسها الكهول والوالدان".


الصفحة التالية
Icon