والملاحظة الثانية المشتركة بينها أيضا هي أنها جميعا تنتمي في أصولها الفنية إلى مدرسة واحدة هي المدرسة التي اصطلحنا على تسميتها بالمدرسة الأثرية أو الاتباعية أعني المدرسة الفنية الكبرى التي تنتمي إلى أبي عمرو الداني وأصحابه الذين أخذوا بطريقه وسلكوا سبيله في القراءة والأداء والرسم والضبط وغير ذلك من العلوم.
... ولقد رأينا فيما قدمنا من هذا البحث صورا زاهية من العناية التي حظيت بها حرز الأماني في مختلف العصور والأقطار، كما رأينا نحوا من ذلك فيما يخص مورد الظمآن، ونريد الآن أن نتتبع ما لقيته هذه الأرجوزة من عناية لدى مشيخة الإقراء وعلية العلماء ممن جردوا أقلامهم لشرحها وبيان مقاصد الناظم فيها محاولين تقصي هذا النشاط في مختلف الأقطار في المغرب والأندلس وبعض أقطار إفريقية والمشرق، وسنحاول ترتيب الشروح القديمة لها حسب التسلسل التاريخي بحسب الإمكان، أما شروح المتأخرين فنسوقها كما اتفق لعدم وقوفنا عليها أو على التواريخ المحددة لمؤلفيها، وهذه شروحها تبعا لما ذكرته من ترتيب:
١- القصد النافع، لبغية الناشئ والبارع في شرح الدرر اللوامع لأبي عبد الله محمد بن محمد بن إبراهيم الخراز الشريشي (ت سنة ٧١٨هـ). وقد أجمعوا على أنه أول شارح لأرجوزة ابن بري، ولذلك كثيرا ما نجد الشراح يكتفون بقول: قال شارحه الأول، وهم يريدون هذا الشرح الذي كتبه الخراز في فاس بأزيد من ثلاثة عشر عاما قبل وفاة ناظم الدرر.


الصفحة التالية
Icon