وقد صنف الناس فيها كتبا كثيرة بسطوا فيها القول، ودونوه بجليله ودقيقه، وقل نظم يتضمن قراءة نافع بمذهب أبي عمرو وطريقه، ورأيت بعض أصحابنا قد نظموا في تلك القراءة وألفوا، وعن طريقة أبي عمرو لم يتخلفوا، فكان من أعذبها لفظا، وأحسنها ترتيبا، وأبدعها نظما، وأقصدها أسلوبا، أرجوزة الفقيه الأفضل الكاتب الأبرع الأكمل، اللغوي النحوي العروضي الفرضي أبي الحسن علي ابن الشيخ الأفضل أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسين الرباطي الشهير بابن بري، وصل الله كرامته، فتداولها الناس في البلدان، وتعاهد درسها الكهول والولدان، فلما كثر البحث عليها، ورأيت ميل جملة من الطلبة إليها، وترددهم إلى في حل مقفلاتها، وإيضاح مشكلاتها، جعلت أشرح لهم ما يسر لله في فهمه، وأنبههم على ما يوصلهم إلى علمه، فطلبوا مني أن أقيد لهم ما أمليه عليهم، وأثبت لهم ما أؤديه من ذلك إليهم، فأجبتهم إلى ذلك رجاء ثواب الله العظيم... إلى أن قال عن شرحه:
فاستخرت الله تعالى في وضع هذا الكتاب وتأليفه، وأعملت فكري في مطالعته وتصنيفه، وعبرت لهم بأيسر العبارات وأسهلها، ليتضح ما عسر عليهم من فهم مشكلها.
وأودعته جملة من الحجج والتعليل، خالية من التكرار والتطويل، نقلتها من كتب الأكابر العلماء المشاهير، كأبي عمرو الداني وأبي محمد مكي وأبي العباس المهدوي وأبي جعفر بن الباذش وغيرهم، وأرجو أن يكون - بحول الله - جاريا على أسنى المطالب والمقاصد، ينتفع به المقيم والظاعن والصادر والوارد.


الصفحة التالية
Icon