وقد اعتمده عامة الشراح ورجعوا إليه فيما غمض من مقاصد مؤلفه، بل إن الإمام المنتوري على جلالة قدره لم يأنف من أن يقول في شرحه القيم الذي لا يقل جلالة وقدرا عن شرح الخراز: "واقتصرت على ما ذكره شارحه المقرئ أبو عبد الله الشريشي في كثير من أبياته، لأنه أتقن الكلام في ذلك وأجاد، وبين وأفاد، وما ترك من شيء يزاد(١)".
ويكفي في الدلالة على ذيوع صيته وصوله إلى بلاد الشام وتعرض الحافظ ابن الجزري لذكره في النشر بقوله في سياق الحديث عن حكم النون الساكنة قبل الباء: "ولا بد من إظهار الغنة مع ذلك، فيصير في الحقيقة إخفاء الميم المقلوبة عند الباء، فلا فرق حينئذ في اللفظ بين أن بورك وبين يعتصم بالله، إلا أنه لم يختلف في إخفاء الميم ولا في إظهار الغنة في ذلك، وما وقع في كتب بعض متأخري المغاربة من حكاية الخلاف في ذلك فوهم، ولعله انعكس عليهم من الميم الساكنة عند الباء، والعجب أن شارح أرجوزة ابن بري في قراءة نافع حكى ذلك عن الداني، وإنما حكى الداني ذلك في الميم الساكنة لا المقلوبة، واختار مع ذلك الإخفاء(٢).
٢- شرح أبي عبد الله بن شعيب المجاصي التازي:
تقدم ذكر مؤلفه في أصحاب ابن بري، ولعل شرحه هذا ثاني الشروح من حيث الترتيب الزمني، إذ وضعه في حياة الناظم كما يستفاد من افتتاحيته التالية في قوله:
الحمد لله ذي المن والفضل والإحسان، الذي أخرجنا من العدم ومن علينا بالقرآن، وسلك بنا طريق الحق وهدانا إلى الإيمان...
(٢) النشر٢/٢٦.