ثم أخذ في ذكر الفصول الخمسة التي هي عبارة عن مباحث مختصرة عن ألفاظ البسملة ومعانيها اللغوية وإعرابها وفضلها وكيفية نزولها، ومن هذه الفصول والافتتاحية الموحدة والمتقاربة في كثير من ألفاظها ومباحثها تتبين الصلة بين هذا التقييد وبين التقييد السابق المسمى بالفصول، مما يدل على أن المقيد عنه هو شخص واحد فيها.
والفرق البارز الذي يمكن أن يلاحظ بين التقييدين إنما هو في مستوى المعالجة لمسائل الخلاف، فإن التقييد الأول المسمى بـ"الفصول" يعنى بالتوسع فيها والاستدلال لها وخاصة من كتب أبي عمرو الداني، بينما يقتصر الوارتني في تقييده على حل معاني الأبيات وإعرابها، إلا في النادر اليسير، حيث نجد المباحث التي تعرض لها كل منهما متقاربة أو متحدة حتى في ألفاظها ككثير مما ذكره في بابي التعوذ والبسملة.
ومن مسائل الخلاف التي وقف عندها الوارتني في باب المد ما جاء من الخلاف بين الأئمة في مقدار مد الصيغة المعروف بـ"القصر"، وهل يحتمل الزيادة والنقص ؟، وذلك في قول ابن بري:

وفي المزيدي الخلاف وقعا وهو يكون وسطا ومشبعا
فقال الشيح: : لما تكلم في البيت الذي قبل هذا على مد الصيغة وقال إن القراء اتفقوا على تقصيره ولم يختلفوا فيه، أخبر في هذا البيت أنهم اختلفوا فيما زاد على مد الصيغة، وهو المتوسط والمشبع، وهذا الخلاف الذي بينهم فيه هو في المراتب كما قدمنا، فكل أحد على قدر طبقته، وقد قدمنا الاختلاف في ذلك فمذهب الناظم - عفا الله عنه - إذن أنهم لم يختلفوا في مد الصيغة بل اتفقوا فيه، لأنه لا يحتمل النقص والزيادة، واختلفوا في المزيدي الذي يحتملها، وذهب أبو الحسن بن سليمان - رحمه الله - إلى أنهم اختلفوا في الجميع، واحتج لذلك ونصره بما يوقف عليه في "تجريده"، وزعم أن ذلك هو الصواب، وغلط من ذهب إلى القول الأول"(١).
(١) شرح الدرر اللوامع للوارتني لوحة ٦١-٦٢.


الصفحة التالية
Icon