والجديد في هذا الطراز هو دخوله مجال التأليف حيث نجده عند أبي محمد بن أبي السداد في "الدر النثير" الذي ألفه لشرح مذاهب أبي عمرو الداني واختياراته في "التيسير"، ولكنه بناه على إجراء مقارنة بينه وبين أبي محمد مكي في "التبصرة" وأبي عبد الله بن شريح في "الكافي" كما سبق أن نبهنا على ذلك عند ذكر شروح التيسير(١). كما نجد ابن أبي السداد أيضا، وهو من طبقة أبي الحسن بن سليمان في الأخذ عن المشيخة- قد ألف فيه كتابا خاصا سماه "تحفة التالي في أشرف المعالي"، رواه المنتوري وقال :"ذكر فيه الخلاف بين الأئمة الثلاثة أبي عمرو الداني وأبي محمد مكي وأبي عبد الله بن شريح"(٢).
وقد رأينا نحوا من ذلك مع إضافة أبي علي الأهوازي إلى الأئمة الثلاثة في قصيدة "التكملة المفيدة" لأبي الحسن القيجاطي (ت ٧٣٠) معاصر أبي الحسن القرطبي وشريكه في أساتذته.
والذي يعنينا هنا أن أبا الحسن بن سليمان كان رائد هذا الإتجاه في المدرسة المغربية، وهو اتجاه سبق أن ربطناه من ناحية المنهج بما سميناه ب"المدرسة التوفيقية"، لأنه يعتمد في الأداء جميع ما صح في القراءة عن الأئمة دون لجوء في الغالب إلى ترجيح أو اختيار.

(١) - اعتمدت على "الدر النثير" لابن أبي السداد مخطوطا- كما تقدم- ثم وصل إلي بعد كتابة هذا الفصل مطبوعا في أربعة أجزاء صغار بعنوان "الدر النثير والعذب النمير، في شرح مشكلات وحل مقفلات اشتمل عليها كتاب التيسير لأبي عمرو- تحقيق ودراسة أحمد عبد الله أحمد المقري- نشر دار الثقافة للنشر والتوزيع بمكة المكرمة-١٤١١هـ ١٩٩٠.
(٢) - فهرسة المنتوري لوحة ١٠-١١.


الصفحة التالية
Icon