وكانت مدينة تازة التي هي دار نشأته ومرباه من المراكز الثقافية المهمة التي استفادت من هذا النشاط، وقد كانت محل عناية الملوك المرينيين، وقد تزايدت عنايتهم بها مع الزمن، "فأسسوا بها دار الإمارة، وبنوا المساجد والمدارس وعمروها، ووقفوا عليها الأوقاف المغلة، وكانوا ينزلونها ويتفقدونها، وينتخبون من أبنائها الكتاب والمؤدبين ورجال القضاء، جريا على العادة في استقطاب النخبة الممتازة من الكفاءات إلى العاصمة(١).
وهكذا استفاد المبرزون من أبناء تازة لهذا العهد من الوظائف الرسمية، فكان منهم مثل أحمد بن شعيب الجزنائي التازي نزيل فاس "من أهل البراعة في اللسان والأدب والعلوم العقلية"، وقد نظمه السلطان أبو سعيد المريني في سلك الكتاب"(٢).
وكان منهم مثل أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن التسولي التازي المعروف بابن أبي يحيى الفقيه القاضي الذي سفر لأبي الحسن المريني بغرناطة، كما جعله ضمن الوفد الرسمي إلى الديار المقدسة مصحوبا بالمصحف الشريف الذي خطه أبو الحسن بيده ووقفه على المسجد النبوي(٣).
وكان منهم مثل أبي مهدي عيسى بن عبد الله الترجالي قاضي تازة صاحب أبي الحسن بن بري الذي سعى له في عمل "الكتابة" لدى الأمراء كما سيأتي.
(٢) - التعريف بابن خلدون ٤٨-٤٩.
(٣) - ينظر في ذلك الاستقصاء ٣/١٢٧.