وعلى العموم فقد كان الملوك المرينيون يحسون نحو أهل تازة بنوع من الثقة والمودة لسالف خدمتهم لدولتهم وسابقتهم معها في عهد التأسيس، وأكد ذلك عندهم أن بلدهم كان أول بلد فتحوه ودان لهم، وقد ذكر ابن عذاري المراكشي في حوادث سنة ٦٤٦هـ استيلاء الأمير المريني أبي يحيى عبد الحق بن محيو على رباط تازة قال :"وهو أول فتح بني عبد الحق- أعزهم الله تعالى- في تملك قواعد البلدان،... وذكر في هذا السياق أن الدولة التزمت لأهلها" "أنه لا سبيل لأن يتعرض مريني لتازي بمضرة"، وبايعه أهل ربطها وحلها، ويسر الله فتح تازة لبني عبد الحق الكرام على يد الأمير أبي يوسف بتيسير مرام، فهو كان قفل البلاد المغربية فصار مفتاحها وأول فتوحها لهذه الدولة المرينية"(١).
ثم زاد في التمكين لأهل تازة عند رجالات هذه الدولة أن بيعة زعيمهم والمؤسس الحقيقي لدولتهم "يعقوب ابن عبد الحق إنما "تمت أولا برباط تازة بيعة الخاصة والعامة سنة ٦٥٦هـ(٢).
وذلك يعني أن تازة كانت أشبه بالعاصمة الأولى لدولتهم قبل اتخاذ "المدينة البيضاء" : فاس الجديدة(٣) عاصمة لهم، ولاشك أن العهد أو الالتزام الذي التزمت به الدولة لأهل تازة كان بمثابة ظهائر التوقير والاحترام التي جرت العادة باصدارها لتكريم صنائع الدولة وأهل السابقة والغناء والبيوتات الشريفة من أهل خدمتها، وذلك من شأنه أن يستتبع مزيدا من الحفاوة والرعاية الخاصة لأبناء المدينة والنابغين من رجالها والتقريب للمبرزين من علمائها، كما يستتبع اهتماما بالمدينة وعمرانها وتشجيع الحركة العلمية بها ببناء المدارس والعناية بالمساجد والمشايخ.
(٢) - المصدر نفسه ٤١٥.
(٣) - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار لابن فضل الله العمري ١٠٧.