نحن الآن على أهبة لإبراز آخر هذه المعارض المشرقة من تاريخ المدرسة الأدائية في المغرب في المائتين التاسعة والعاشرة إماطة للأستار عنها، لنجعل منها مسك ختام هذا البحث المتواضع، وذلك بعد أن كنا عند الانطلاقة فيه قد رسمنا الخطة الطويلة النفس للبلوغ به تاريخيا إلى زمننا، إلا أننا بعد أن استغرقنا التقسيم والتبويب، وأفضنا في العرض والتحليل في مختلف الحقب والمناطق التي ازدهرت فيها القراءة بالمغرب والأندلس، قد شعرنا أن المطاف قد طال بنا حتى كدنا نتجاوز المطلوب في بحث كهذا، وكان عذرنا عند أنفسنا- ولعل ذلك أيضا يشفع لنا عند القارئ الكريم- ما علمناه من مسيس الحاجة إلى تجميع هذه المادة ووصفها، وما وجدناه أيضا فيها من وفرة ودسومة في مختلف جوانب القراءة وعلومها، كما فعلنا ذلك أيضا تحت ضغط الرغبة في تغطية جميع الحقب التاريخية من دخول القراءة إلى أواخر المائة العاشرة من الهجرة، وذلك حتى يتم لنا التسلسل التاريخي للمدارس الفنية، وحتى يكون بعضها آخذا برقاب بعض، وتتلاحم عندنا حلقات السند، وتكتمل الرؤية لدى القارئ بإعطاء كل جهة وناحية نصيبها من العناية بقدر الإمكان زمانا ومكانا دون ترك ثغرات أو فجوات متباعدة.