عَنِ النَّبي ﷺ أنَّه قَالَ :( مَاَ اجْتَمَعَ قَومٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيوتِ الله يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ تَعَالى وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُم إلاَّ نَزَلَت عَلَيْهِمُ السَّكِينَة وَغَشِيتُهمُ الرَّحمة، وَحَفّتهُمُ المَلاَئِكَة، وَذَكَرَهُمُ فِيمَنْ عِنْدَه).
وقد ذكرت في "التبيان" جملة من الأحاديث والآثار في هذا الفصل ثم لهم في القراءة مجتمعين طريقان حسنان :
إحداهما : أن يقرءوا كلهم دفعة واحدة.
الثانية : أن يقرأ بعضهم جزء، أو غيره، ويسكت بعضهم مستمعين، ثم يقرأ الساكتون جزءاً ويستمع الأولون ويسمى هذا الإدارة.

فصل


في آداب القُراء مجتمعين
الآداب التي يحتاجون إليها كثيرة لا يمكن حصرها في هذا الموضع، ولكن نشير إلى بعضها تبييناً على الباقي، فجميع آداب القارئ وحده آداب المجتمعين، ونزيد في آدابهم أشياء مما يتساهل فيه بعض الجاهلين، فمن ذلك أن يتغنَّى لهم أن يتجنبوا الضحك، واللغط، والحديث في حالة القراءة، إلا كلاماً يضطر إليه، ومن ذلك العبث باليد وغيرها، والنظر إلى ما يُلهي، أو يُبدد الذِّهن، وأقبح من هذا كُله النَّظر ما لا يجوز النَّظر إليه، كالأمرد وغيره، فإن النَّظر إلى الأمرد الحسن حرام سواء كان بشهوة أو بغيرها، وسواء أمن الفتنة أم لم يأمنها، هذا هو المذهب الصحيح المختار عند المحققين من العلماء، وقد نصَّ على تحريمه الإمام الشّافعيّ، ومن لا يُحصى من العلماء، قال تعالى :(( قُل للمؤمنين يَغضّوا من أبْصارهِم ويحفظوا فُروجَهُم )) ؛ لأنه في معنى المرأة ؛ بل كثير منهم أحسن من كثير من النساء، ويَسهل من طُرق الشَّر في حقهم ما لايُتسهل في النساء فهم بالتحريم أولى، وأقاويل السلف في التنفير منهم أكثر من أن تُحصى.
واعلم أنه يجب على كل حاضر مجلس القراءة أن ينكر ما يراه من هذه المنكرات وغيرها فينكر بيده ؛ فإن لم يستطع فبلسانه ؛ فإن لم يستطع فلينكره بقلبه.

فصل



الصفحة التالية
Icon