في رفع الصوت بالقراءة
هذا فصلٌ مهم ينبغي الاعتناء به. اعلم أنَّهُ جاءت أحاديث كثيرة في الصَّحيحين وغيرهما دالة على استحباب الصوت بالقراءة، وجاءت أحاديث دالةٌ على الآثار دالة على استحباب الإخفاء وخفض الصوت وكان في السلف رضي الله عنهم من يختار الإخفاء وفيهم من يختار الجهر.
قال العلماء وطريق الجمع بين الآثار المختلفة في هذا الفصل أن الإسرار أبعد من الرياء، فهو أفضل في حق من يخاف الرياء، فإن لم يخفه فالجهر، ورفع الصوت أفضل ؛ لأن العمل فيه أكثر ولأن فائدته تتعدى إلى غيره، والنفع المتعدي أفضل من اللازم ولأنه يوقظ قلب القارئ، ويجمع همَّه إلى الفكر فيه ويصون سمعه إليه ويطرد النوم ويزيد في النشاط، ويوقظ غيره من نائمٍ، أو غافلٍ وينشطه قالوا فمهما حضره شيء من هذه النِّيات فالجهر أفضل، فإن جمُعت كلها تضاعف الأجر، هذا إذا لم يخف رياءً ولا إعجاباً، ولا غيرهما من القبائح، ولم يؤذ جماعة يلبس صلاتهم، وتخليطها عليهم ؛ فإن كانت القراءة من جماعة مجتمعين تأكد استحباب الجهر وقد ذكرت في "التبيان" جُملة من الأحاديث والآثار الواردة في هذا الباب.

فصل


في تحسين الصوت بالقراءة
أجمع العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم على استحباب تحسين الصوت بالقراءة وأقوالهم، وأفعالهم في هذا مشهورة، والأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ مستفيضة عند الخاصة والعامة.
قال العلماء : يُستحب تحسين القراءة وتزينها بما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط ؛ فإن أفرط حتى زاد حرفاً، أو إخفائه أو مد ما لا يجوز مده فحرام على فاعله، وسامعه إن تمكَّن من إنكاره، ولم ينكره لأنه عدل به، نهجه القويم إلى الاعوجاج والله تعالى يقول: (( قُرآناً عربياً غير ذي عِوج )).
من هذا النوع ما يقرأه بعض الجهلة على الجنائز وفي مجال الوعاظ وغيرها، وهي بدعة محرمة ظاهرة، نسأل الله الكريم تعجيل زوالها بخير للمسلمين.


الصفحة التالية
Icon