فالرسم القياسي: تصور اللفظ بحروف هجائه بتقدير الابتداء به والوقف عليه. وأصول خمسة(١) تعيين نفس حروف الهجاء دون أعراضها. (٢) عدم النقصان منها (٣) عدم الزيادة عليها(٤) فصل اللفظ مما قبله مع مراعاة الملفوظ به في الوقف. وللمراعاة المذكورة رسمت همزة الوصل وألف أنا دون تنوين غير المنصوب ونون إذا ونون التوكيد الخفيفة ألفا. وتاء التأنيث هاء، ولاعتبار الوقف لزم وصل الحرف الافرادي بما بعده: وفيه
تأليف مخصوصة به.
والرسم الإصلاحي ويقال له العثماني: ما كتبت به الصحابة المصاحف وأكثره موافق لقواعد الرسم القياسي إلا أنه خالفه في أشياء وهي المدونة في تا~ ليف ولم يخالف الصحابة رضي الله عنهم في هذه الأشياء إلا لأمور قد تحققت عندهم وأسرار وحكم (١)

(١)... قال القسطلاني نقلا عن أبي العباس بن البناء: إن لأحوال الهمزة وحروف المد واللين مناسبة لأحوال الوجود حصل بها ارتباط به يكون الاستدلال (فالهمزة) تدل على الأصالة والمبادئ فهي موصلة لأنها مبدأ صوت.
(والألف) تدل على الكون بالفعل وبالفصل فهي مفصلة في الوجود لأنها من حيث أنها أول الحروف في الفصل الذي يتبين به ما يسمع وما لا يسمع متصلة بهمزة الابتداء (والواو) تدل على الظهور والارتقاء فهي جامعة لأنها عن غلظ الصوت وارتفاع بالشفتين معا إلى أسعد رتبة في الظهور
(والياء) تدل على البطون فهي مخصصة لأنها عن رقة الصوت وانخفاضه في باطن الفم.
ولما كان الوجود على قسمين: ما يدرك وما لا يدرك. والذي لا يدرك فتوهمه على قسمين: ما ليس من شأنه أن يدرك وهي معاني أسماء الله تعالى وصفة أفعاله من حيث هي أسماؤه وأفعاله. فأنه تعالى انفرد بعلم ذلك وهذا من هذا الوجه يسمى العزة. وما من شأنه أن يدرك لكن لم ننله بإدراك وهو ما كان في الدنيا ولم ندركه ولا مثله وما لا يكون في الآخرة قوما في الجنة كما قال عليه الصلاة والسلام فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وقال تعالى: ويخلق مالا تعلمون. وهذا من هذا الوجه يسمى الجبروت فالألف تدل على قسمي الوجود. والواو تدل على قسم الملك منه لأنه أظهر للإدراك. والياء تدل على قسم الملكوت منه لأنه أبطن في الإدراك. فإذا بطنت حروف في الحظ ولم تكتب فلمعنى باطن في الوجود عن الإدراك وإذا ظهرت فلمعنى ظاهر في الوجود إلى الإدراك كما إذا وصلت فلمعنى موصول. وإذا حجزت فلمعنى مفصول. وإذا تغيرت بضرب من التغيير دلت على تغيير في المعنى في الوجود. فإذا زيدت الألف في أول كلمة فلمعنى زائد بالنسبة إلى ما قبله في الوجود. مثل أولأ اذبحنه. ولأاوضعوا خلالكم زيدت الألف تبينها على أن المؤخر أشد وأثقل في الوجود من المقدم عليه لفظا فالذبح أشد من العذاب والايضاع أشد إفساداً من زيادة الخيال. وظهرت الألف في الخط لظهور القسمين في العلم. وكل ألف تكون في الكلمة لمعنى له تفسيل في الوجود. وإذا اعتبر ذلك من جهة ملكوتية أو صفات حالية أو أمرر علوية بما لا يدركه الحس فأن الألف يحذف من اللفظ علامة لذلك وإذا اعتبر من جهة ملكية أو وصفة حقيقية في العلم أو أمور سفلية ثبت ذلك واعتبر ذلك في لفظي القرآن والكتاب. فإن القرأن هو تفصيل الآيات التي حكمت في الكتاب. فالقرآن أدنى ألينا في الفهم من من الكتاب وأظهر في التأويل. قال تعالى في هود.. الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من المدن حكيم خبير. وقالت في فصلت. كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون. وقال تعالى إن علينا جمعه وقرآنه. فإذا قرأناه فاتبع قرآنه. ومن ثم ثبت في الخط ألف القرآن وحذف ألف الكتاب. وقد حذف ألف القرآن في حرفين هو فيهما مرادف للكتاب في الاعتبار. قال تعالى في يوسف إنا أنزلناه قر`نا عربيا. وفي الزخرف: إنا جعلناه قرء`نا عربياً. والضمير في الوضعين ضمير الكاتب المذكور قبله. وقال بعد ذلك في كل واحد منها: لعلكم تعقلون
وأما الواو فأن زيادتها تدل على ظهور معنى الكلمة في الوجود في أعلى طبقة وأعظم رتبة مثل قوله: سأوريكم دار الفاسقين. سأوريكم آياتي. زيدت تبيها على ظهور ذلك بالفعل للعيان اكمل ما يكون. ويدل على هذا أن الآيتين جاءتا للتهديد والوعيد وكذلك زيدت في أولئك لأنه جمع مبهم يظهر منه معنى الكثرة الحاضرة في الوجود وليس الفرق بينه وبين أولئك كما قال قوم لأنه منقوض بأولاء فافهم. فإن نقصت الواو للفرق بينه وبين اليك كما قال قوم لأنه منقوض بأولاء فافهم. فإن تقصت الواو من الخط في كلمة فذلك علامة على التخفيف وموازاة العلم. وأما الياء فإن زيدت في كلمة فهي علامة اختصاص ملكوتي مثل والسماء بنيناها بأييد كتبت بياءين فرقا بين الأيد التي هي القوة وبين الأيد الذي هو جمع يد. فزيدت الياء لاختصاص اللفظ بالمعنى الأظهر في الإدراك الملكوتي في الوجود. فإن سقطت الياء ففي مثل قوله تعالى فكيف كان عذابي ونذر. ثبتت في الأولى لأنه فعل ملكي. وحذفت في الثانية لأنه فعل ملكوتي إلى غير ذلك من أمثلة ما هنالك. اهـ


الصفحة التالية
Icon