تحصر داخل إطار زمني أو مكاني، ولكن كل لحظة تعرض نفسها بشكل كلي مطلق" (١).
وإلى هذا الرأي نفسه يذهب المستشرق السويدي" تور أندريه" صاحب كتاب: "محمد: حياته وعقيدته"، فقد عارض هذا المنهج العقيم الذي سلكه بعض المستشرقين في البحث، مبيناً أن جوهر النبوة لا يمكن تحليله إلى مجموعة من آلاف العناصر الجزئية. ومهمة الباحث - في رأيه - أن يدرك في نظرة موضوعية كيف تتألف من العناصر والمؤثرات المختلفة وحدة جديدة أصيلة تنبض بالحياة (٢).
لقد ألمح كل من آربرى وتورأندريه، فيما نقلناه عنهما بالفقرتين السابقتين، إلى عيوب تطبيق منهج النقد الأعلى والأدنى على دراسة النص القرآني، وحصرا تلك العيوب في طريقة تحليل النص إلى أجزاء صغيرة وفق أصول الكم الرياضي والكيف المنطقي والترتيب الزماني، وتنبّها إلى أن النص القرآني يعلو على هذه المعايير كلها، وهذا كله حق بلا جدال.
لكن الملاحظ أن أحداً من هذين المستشرقين الكبيرين لم يشأ أن يعترف صراحة بالحقيقة الجوهرية والنقطة المبدئية في الأمر كله، وهي أن تطبيق هذا المنهج على القرآن الكريم فاسد من كل الوجوه، لأنهم يدرسونه لا باعتباره
(٢) نقلاً عن الدكتور التهامى نقرة: القرآن والمستشرقون، مقال في كتاب: مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية، الجزء الأول ص ٢١-٥٧، مكتب التربيةالعربي لدول الخليج، ١٤٠٥هـ (١٩٨٥م).