علينا الآن أن نتتبع كاتب المادة بدقة في الفصلين الأولين - نموذجاً لسائر ما كتبه في المقال - وهما: أصل الكلمة ومرادفاتها، محمد ﷺ والقرآن، لنعرف إلى أي حد كان الكاتب ملتزماً بقواعد منهج النقد الأعلى والأدنى الذي جعله معياراً لعمله ومناطاً لجهده في البحث والدرس (١).
(١) وذلك برغم ما أثبتناه فيما سبق من عدم صلاحية هذا المنهج لدرس القرآن.
أصل الكلمة ومرادفاتها:
يعرض الكاتب أول ما يعرض لكلمة "القرآن" والتي ترددت في القرآن نفسه - كما يشير الكاتب - أكثر من سبعين مرة بمعان مختلفة. ويقول: إن المستشرقين قبلوا النظرية التي قال بها شفالي في كتابه (تاريخ القرآن) أن "القرآن" قد اشتق من كلمة "قرياءنا" السريانية، (ومعناها القراءة المقدسة، والدرس). أما النظرة الغالبة لدى الدوائر الإسلامية فهي أن الكلمة اسم من قرأ. ويشير الكاتب إلى أن كلا الرأيين يجد لنفسه سنداً من القرآن، حيث يظهر فعل "قرأ" ولكن ليس كما يتكرر بمعنى القراءة أو التلاوة. ثم يقول: "ولعل أنسب النتائج وأقربها قبولاً هي أن مصطلح القرآن قد أصّل في القرآن نفسه لكي يمثّل كلمة "قيريانا السريانية" ولكنه أسس على مصدر عربي بصيغة "فعلان" من قرأ".
وهكذا حاد كاتب المقال عن الحقيقة بعد أن تبينت له، فالكلمة العربية اشتقت من القراءة، كما أن أول سورة من القرآن - حسب الترتيب الزماني للسور والذي أعده المستشرقون أنفسهم، تبدأ بكلمة: اقْرَأ، فعل أمر من قرأ،