ب- الوسيط:
يقول: وفي السور المبكرة ومن أجل تحديد مصدر الوحي، فإن الله هو المتكلم، وهو المصدر المباشر، مثلاً ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً﴾ (١). (المزمل ٥) و ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى﴾ (الأعلى ٦)، وعدد آخر من السور المكية المتأخرة والمدنية المبكرة يتحدث عن آيات القرآن والكتاب لمحمد (يشير إلى قوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ﴾ (البقرة: ٢٥٢)، وآل عمران ١٠٨ وكلاهما مدنية، والجاثية ٦ مكية). لكن في خلال الفترة نفسها نجد مجموعة من السور تقول بتعالي الله عن الإيحاء المباشر. وقد جاء هذا بطريقتين: أن تقال الرسالة لكي تنزّل عن طريق وسطاء معينين. وأن تتصل بشكل ما بـ "الكتاب" وكلتا الظاهرتين تتضح في سورة الشورى ٥١ حيث ينكر القرآن بصراحة أن يتكلم الله مباشرة مع محمد: ﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء. وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان﴾
نقول: لا يمكن - بعد ما قدمناه في أول هذا الفصل - أن يزعم الكاتب اعتماداً على الآيتين اللتين أوردهما من سورة المزمّل وسورة الأعلى أن الله قد كلم محمداً - ﷺ - تكليماً فما هو إلا تنزيل، ولا شك أن التحجج بالكلمات: سنلقي عليك، سنقرئك، نتلوها عليك، يدل على جهل مطبق بأساليب العربية، وهي لا تدل بحال على الإلقاء المباشر أو القراءة والتلاوة المباشرة على المتلقي.