ونحن بدورنا نقول للكاتب ولغيره ممن يزعم هذا الزعم: قل لنا ما اسم هذا المعلم؟ ومن الذي رآه وسمعه؟ وماذا سمع منه؟ ومتى كان ذلك؟ وأين كان؟ (١).
ثم يقول كاتب المقال: "وهناك سور مدنية تعطى انطباعاً بأن محمداً جهد في الحصول على معلومات من الكتاب المقدس عند اليهود، حيث جرى اتهامهم بأنهم يخفون كتابهم عنه. وقد عرضت بعض النسخ المكتوبة على محمد أو أتباعه، انظر: مثلاً: الأنعام ٩١: قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً".
ولا أدري من أين أتى الكاتب بهذه القصة الملفقة التي أراد أن يستشهد عليها بالآية الكريمة من سورة الأنعام، وهي سورة عدها الطبري - الذي يرجع إليه الكاتب كثيراً - مكية وليست بمدنية، كما اختار الطبري قول ابن عباس ومجاهد في أن الآية نزلت في قريش (٢) واستحسن قراءة" يجعلونه " بدلا من "تجعلونه" ومن ثم يكون تفسير الآية: قل لهم يا محمد: من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس، مما يجعله اليهود صحائف يخفون بعضها ويظهرون بعضها قضاء للباناتهم من وراء هذا التلاعب الكريه" (٣). وقد اختار ابن كثير ما اختاره الطبري لأن "الآية مكية واليهود لا ينكرون

(١) راجع مناقشة هذه المسألة بتوسع عند: الدكتور محمد عبد الله دراز: النبأ العظيم، طبع مصر ١٤١٦، ص ٦٢ وما بعدها.
(٢) انظر: مختصر تفسير ابن كثير، تحقيق محمد علي الصابوني، دار القرآن الكريم، بيروت: ١٤٠٢، ١: ٥٩٨.
(٣) سيد قطب: الظلال، ٢: ١٣٦٤.


الصفحة التالية
Icon