نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً}... ﴿أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ﴾ الآية. وهذه الآيات الكريمة تبين الاقتراحات التي عرضها كفار قريش على النبي ﷺ ومنها، كما أخرجه ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما اقتراح عبد الله ابن أبي أمية المخزومي: "فو الله لا أؤمن بك أبداً حتى تتخذ إلى السماء سلماً ثم ترقى فيه حتى تأتيها وتأتي معك بصحيفة منشورة، ومعك أربعة من الملائكة. إلخ " (١).
فالكاتب هنا يمهد للزعم بأن القرآن إنما أتى به محمد ﷺ استجابة لهذا التحدي من جانب خصومه، مع أن القرآن كان ينزل على محمد ﷺ ويتلى قبل هذا التحدي (إن كان التحدي صحيحاً) ببضع سنوات، وإنما اقترح الكفار هذه الاقتراحات لإظهار إنكارهم للدعوة إلى الإيمان بالغيب وبما لا تدركه حواسهم، وهو ما جاءت به السور التي نزلت من القرآن قبل نزول هذه السورة، ولم تكن بين محمد ﷺ وقومه من خصومة قبل نزول القرآن، فقد لبث عمراً بين ظهرانيهم لا يتحدونه ولا يتحداهم حتى نزل القرآن، ولم يكن هناك مجال للتحدي ولا سبب له قبل نزوله.
إذن لم يصرح الكفار بهذا التحدي إلا بعد نزول القرآن بزمن، ولا يمكن أن يكون هذا التحدي سابقاً على النزول.

(١) نقلاً عن مختصر تفسير ابن كثير، ٤٠٠: ٢.


الصفحة التالية
Icon