ويستمر الكاتب في أغاليطه موهماً قارئه بأنه يسوق من الأسباب المنطقية المستخرجة من تحليل النص القرآني ما يبرهن على أن القرآن إنما هو من عند محمد صلى الله عليه وسلم، فيزعم أن المسلمين شكوا بأنه ليس لديهم كتاب مقدس كالذي عند اليهود والنصارى، مشيراً إلى الآية الكريمة من سورة الأنعام (١٥٦) :﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ..﴾ الآية.
قال الطبري: "الذي يتخذه الكاتب مصدراً رئيساً" معناه وهذا كتاب أنزلنا لئلا تقولوا: إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا، يعني لينقطع عذركم … فالكتاب قد أنزل لقطع الحجة.
وهذا يعني أن المسلمين لم يشكوا إلى النبي ﷺ كما يزعم الكاتب - افتقارهم إلى كتاب مقدس كاليهود والنصارى، وهو ما لم يرد في مصدر من المصادر، لأن كتاب المسلمين المقدس كان ينزل على رسولهم ﷺ منذ مدة طويلة، وكان ملء السمع والبصر، قد دارت حوله منذ أنزل معارك عنيفة وجدل كثير بين المؤمنين والكافرين، وكان أمر القرآن هو شغلهم الشاغل وهمهم الناصب، فما الذي يحمل المسلمين على أن يطلبوا إلى النبي ﷺ - أن يأتيهم بما هو لديهم ويعدونه مصدر عزهم وفخارهم؟!