في الوحي: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾.
ونقول: إن الكاتب أقحم الآيات الواردة بسورة الحج في قضية الناسخ والمنسوخ وهي ليست منها، فقوله تعالى: "فينسخ الله" المراد إزالة تأثير ما يلقي الشيطان، وهو النسخ اللغوي لا النسخ الشرعي المستعمل في الأحكام (١).
ومن هنا فإن هذه الآية لا تتعلق بقضية النسخ في القرآن والكلام هنا يشمل الرسل والأنبياء جميعاً من أوتي منهم كتاباً ومن لم يؤت، ولا تخص محمداً ﷺ وحده، ومن ثم لا يخصّ القرآن، وهو ما يعني أن ما يلقي الشيطان إنما هو خارج الوحي وليس فيه.
أما وقد أثبتنا أن الآيات التي أوردها الكاتب من سورة الحج لا تشير من قريب أو بعيد إلى القرآن الكريم ولا تتعلق بقضية النسخ فيه، فعلينا الآن أن ننظر في الآيتين اللتين استشهد بهما الكاتب من سورتي البقرة والنحل.
فالتشريع الإسلامي الذي نزل على الرسول ﷺ قد مر بمراحل، وهذا التحول اقتضى أحياناً إلغاء قاعدة ما واستبدالها أخرى بها مختلفة عنها، فالتعديل الجزئي وفق مقتضيات الأحوال - في فترة الرسالة هو لصالح البشرية، فإذا نسخ الله آية ألقاها في عالم النسيان " (٢) وهذا لا يعني بحال أن الرسول ﷺ قد نسي بعض الوحي فلم يضمنه
(٢) سيد قطب: الظلال، ١: ١٠٢.