ولو كانت قراءته أخذها ـ كما ذكر عراك بن خالد ـ عن يحيى بن الحارث، عنه عن المغيرة بن أبي شهاب، عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ، لم يكن ليترك بيان ذلك إن شاء الله مع جلالة قدر عثمان ومكانه عند أهل الشام، ليعرفهم بذلك فضل حروفه على غيرها من حروف القراء ". أ. هـ الطبري.
ثم يتابع السخاوي فيقول : وهذا قول ظاهر السقوط، أما قوله :" إنا لا نعلم أحدًا ادّعى أن عثمان أقرأه القرآن "، ( فهذا غير صحيح )، فإن أبا عبد الرحمن السّلمي ـ رحمه الله ـ قرأ على عثمان ـ رضي الله عنه ـ وروي أنه علمه القرآن، وقرأ أيضًا على عثمان ـ رضي الله عنه ـ أبو الأسود الدؤلي، وروى الأعمش عن يحيى بن وثاب عن زرّ بن حبيش الأسدي عن أبي عمرو عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ وذكر حروفًا من القرآن تكون أربعين حرفًا.
وقال لي شيخنا أبو القاسم الشاطبي ـ رحمه الله ـ :" إياك وطعن الطبري على ابن عامر ".
ثم إن هذا لا يلزم، إذ لا يمتنع أن يكون أقرأ المغيرة وحده، لرغبة المغيرة في ذلك، أو لأن عثمان ـ رضي الله عنه ـ أراد أن يخصه بذلك ـ وقد رأينا من العلماء المشهورين من لم يأخذ عنه إلاّ النفر اليسير، بل منهم من لم يأخذ عنه إلا رجل واحد.
هذا لو انفرد المغيرة بالأخذ عنه، وقد أخذ عنه أبو عبد الرحمن، وأبو الأسود الدؤلي، وزر بن حبيش، كما تقدم.
وما ذكره من أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ ما انتصب لإقراء القرآن، فقد تبين بقراءة من ذكرناه عليه خلاف ذلك.
وأما قوله :" فقد كان له من أقاربه من هو أوجب حقًا من المغيرة، فهذا لا يلزم أيضًا، إنما يكون قادحًا لو كان غير المغيرة من أقاربه وقد سأله ذلك فأبى أن يقرئه.
فأما كون أقاربه لم يقرأوا عليه، فكثير من العلماء قد أخذ عنهم الأجانب والأباعد دون الأقارب، وعن قتادة :" أزهد الناس في العالم أهله " وعن الحسن :" أزهد الناس في العلم جيرانه ".


الصفحة التالية
Icon