وأما قوله في عراك :" إنه مجهول لا يعرف بالنقل في أهل النقل ولا بالقرآن في أهل القرآن " فكفى به تعريفًا وتعديلاً أخذ هشام عنه كلامًا ثم تحدث كلامًا يطول في التوثيق وإثبات التواتر في الأصل تقدم التعليق عليه ". أ. هـ السخاوي.
وهذا كلام لا نأخذ عليه إلاّ أنه خص دفاعه عن ابن عامر، ولعل عذره أنه من أهل الشام وأراد بدفاعه عن ابن عامر دفاعه عن قراءة أهل الشام بالذات والله أعلم بالنيات.
يظهر لنا من كل ما تقدم أن طعن ابن جرير في هذه القراءات إنما هو ناجم عن اعتقاده بعدم تواترها وهذا موطن الداء في موقفه منها، وهو على أية حال مخطئ في مخالفته للإجماع على تواترها، ولعل موقفه هذا قد كان له تأثير على ابن الجزري الذي كان يقول بتواتر القراءات السبع ثم عدل عنه إلى الاكتفاء بشهرتها وهو موقف كان مدعاة للنقد وإن كان أهون من موقف الطبري الذي رماها بالسقوط، ورمى أصحابها بالغفلة والغباء، غفر الله له ولهم ولنا أجمعين.
ثانيًا : الزمخشري :
هو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الإمام الحنفي المعتزلي الملقب بجار الله، ولد في سنة ٤٦٧هـ بقرية من قرى خوارزم تدعى زمخشر، وتوفي سنة ٥٣٨هـ، وهو إمام في التفسير والحديث والنحو والبلاغة والأدب، وقد ألف في شتى العلوم ومن أهم كتبه " تفسير الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل " و " أساس البلاغة في اللغة " و " المفصّل في النحو ".
ويعتبر تفسيره من أمهات كتب التفسير بالرأي كما أن تفسير الطبري من أمهات التفسير بالمأثور، بيد أن الزمخشري كان معتزلي الاعتقاد متظاهرًا بالاعتزال فيقرأ كتابه على حذر، قال السبكي :" واعلم أن الكشاف كتاب عظيم في بابه، ومصنفه إمام في فنه، إلاّ أنه رجل مبتدع متجاهر ببدعته، يضع من قدر النبوة كثيرًا، ويسيء أدبه على أهل السنة والجماعة ".


الصفحة التالية
Icon