يقول وقرأ أنس يجمزون، فسئل، فقال :" يجمحون، ويجمزون، ويشتدون واحد وفي قوله تعالى :( أتستبدلون الذي هو أدنى )(البقرة/) يقول :" وقرأ زهير الفرقبي ( أدنأ ) بالهمزة من الدناءة، ولا شك أنها قراءة مخالفة للرسم، ولكن الزمخشري لا يعول على ذلك، إذ همه توجيه المعنى وسلامته، ولا يهمه بعد ذلك أن يعرفنا بالقارئ ومدى اعتبار قراءة مثل هذا الشخص زهير الفرقبي، بل لا يذكر لنا من هو القارئ لقراءة في منتهى الشذوذ، وما أعجب كلامه حين ذكر قراءة في فاتحة الكتاب والتي بدأها بداية غريبة حين جعلها أول القرآن نزولاً وحكم بنزولها قبل سورة إقرأ وسورة المدثر، ونسب هذا القول لجمهور المفسرين، كما أنهى السورة بقول أشد غرابة حين ختمها بقراءة لخاتمة كلماتها ( الضالين ) يقول :( ولا الضألين ) بالهمز، كما قرأ عمرو بن عبيد ( ولا جأن ) ثم قال :" وهذه لغة من جدّ في الهرب من التقاء الساكنين " ( ينظر في تفسير جميع هذه الآيات من مواضعها بالكشاف ٢/١٩٦، ١/٢٨٥، ٢/٢٦٢ ).
وبهذا ننهي حديثنا عن الزمخشري دون تعليق عليه تاركين الحديث عنه للمدافعين عن القراءات الرادّين لسهام الطاعنين، فحديثهم عن ذلك فيه الكفاية والنهاية.
حكم الطعن في القراءات :
لا يفوتنا ونحن ننهي الحديث عن الطاعنين أن نذكر حكم الطعن في القراءات القرآنية المتواترة فنقول : إن من العلماء من يهوّن أمر الطعن في القراءات ظنًا منه أن الخلاف في القراءات لا يعدو أن يكون لونًا من ألوان الاختلاف في الاجتهادات الفقهية، وهذا وهم باطل، ذلك أن مصدر الاختلاف بين القراءات هو الوحي، بينما منشأ الاختلاف في الفقه هو الاجتهاد المبني على النظر الذي قد يصيب وقد يخطئ.


الصفحة التالية
Icon