وهناك طائفة من القراءات القرآنية التي ردها ابن جرير وبرر رفضها تبريرًا لغويًا، ونحن إذ نؤيده في رده ورفضه للقراءات الشاذة فإننا نخطئه في رده للقراءات المتواترة والتي قرأ بها القراء السبعة ـ الثابتة في مصادر ومراجع علم القراءات.
ففي قوله تعالى :( إلاّ أن تكون تجارةً حاضرةً )(البقرة/٢٨٢) قرئت تجارة حاضرة بالرفع والنصب.
يقول الطبري إنه لا يستجيز القراءة بغير الرفع في كل من الكلمتين، ويرفض قراءة النصب وإن كانت متواترة، وقد قرأ بها عاصم ( النشر ٢/٢٣٧).
وفي قوله تعالى :( وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبًا فرهانٌ مقبوضة )(البقرة/٢٨٣) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ( فرُهُن ) بضم الراء والهاء جمع رَهْنَ كسَقْف وسُقُف، وروي عنهما أيضًا ( فَرَهْن ) وقرأ الخمسة نافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ( فرهان ) بكسر الهاء وإثبات الألف (كتاب السبعة ١٩٤، النشر ٢/٢٣٧)
ومع تواتر القراءات الثلاث إلاّ أن ابن جرير يرد قراءة ( رُهُن )، ويعلل ردّه بما يعلله اللغويون فيقول :" لأن جمع فَعْل على فعُلُ شاذ قليل "(الطبري٣/٩٢) وليت ابن جرير طعن في القراءة وسكت، بل اتهم من يقرأ بذلك بأنه يقرأ به من عند نفسه، بل يصف بعض القراء والمحتج بقراءته بضعف احتياله في قراءة أخرى، ففي قوله تعالى :( وكفَّلها زكريا )(آل عمران/٣٧) قرأ القراء السبعة بتشديد الفاء وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب ( وكَفَلها ) مفتوحة خفيفة، وبعد أن يسوق الطبري كلامًا طويلاً يغلظ القول على من يقرأ بالتخفيف ويقول : إنهم اعتلّوا بحجة دالة على ضعف احتيال المحتج بها (تفسير الطبري، تحقيق القراءة من النشر والسبع ).
ويؤكد الطبري موقفه في موافقة بعض اللغويين في قبول القراءة واستجادتها أو رفضها وردها، وتعبيراته المختلفة في الرفض كثيرة، وهاك طائفة يسيرة من ذلك.