ففي سورة الفاتحة أورد الطبري قراءات كثيرة، ثم ذكر الآية (ملك يوم الدين)(مالكِ يوم الدين )(الفاتحة/٤، ٥) ثم قال : وأولى التأويلين وأصح القراءتين في التلاوة عندي، التأويل الأول وهي قراءة من قرأ ( ملك ) بمعنى الملك، وعلل ذلك بقوله : لأن في الإقرار له بالانفراد بالملك إيجابًا لانفراده بالملك وفضيلة زيادة الملك على المالك إذ كان معلومًا أن لا ملك إلاّ وهو مالك. " وأكد اختياره بسياق الآيات "، وإن قوله تعالى ( رب العالمين ) فيه معنى الملكية، فلو قيل ( مالك يوم الدين ) من الملك لكان ذلك تكرارًا لمعنى واحد بألفاظ مختلفة "، ثم أعقب ذلك بقوله :" فبين إذًا أن أولى القراءتين بالصواب وأحق التأويلين بالكتاب قراءة من قرأه ( ملك يوم الدين ) دون قراءة ( مالك يوم الدين ) ". ثم هاجم الطبري القارئين بـ ( مالك يوم الدين )، ورماهم بالغفلة والغباء وبأنه أغفل وظن خطأً.
لكن ظهر لغير الطبري ترجيحه لهذه القراءة بل اعتقاده بصوابها وتخطئته لمن قرأ بملك، فإنّ من الأئمة كأبي عبيد من عكس الأمر ورجح (مالك يوم الدين )، فيقول " والمختار ( مالك )، لأن المعنى يملك يوم الدين وهو يوم الجزاء ولا يملك ذلك اليوم أن يأتي به ولا بسائر الأيام غير الله سبحانه، وهذا ما لا يشاركه فيه مخلوق في لفظ ولا معنى ".
ونكتفي بمثال آخر من سورة البقرة في قوله تعالى : يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلاّ أنفسهم وما يشعرون )[البقرة/٩].
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو :( يخادعون ) ( وما يخادعون ) بالألف وياء مضمومة والدال المكسورة.
وقرأ عاصم وابن عامر وجمزة والكسائي ( يخادعون ) وما يخدعون ) بفتح الياء بغير ألف.