١٩- تعتبر سورة الفلق من أكبر أدوية المحسود فإنها تتضمن التوكل على الله، و الالتجاء إليه، والاستعاذة به من شر حاسد النعمة فهو مستعيذ بولي النعم وموليها كأنه يقول : يا من أولاني نعمته وأسداها إلي أنا عائذ بك من شر من يريد أن يستلبها مني ويزيلها عني وهو حسب من توكل عليه، وكافي من لجأ إليه
٢٠- تأمل حكمة القرآن وجلالته كيف أوقع الاستعاذة من شر الشيطان الموصوف بأنه الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس، ولم يقل من شر وسوسته لتعم الاستعاذة شره جميعه. فإن قوله :[من شر الوسواس ]، يعم كل شره ووصفه بأعظم صفاته وأشدها شراً وأقواها تأثيراً وأعمها فساداً وهي الوسوسة التي هي بداية الإرادة، فإن القلب يكون فارغاً من الشر والمعصية. فيوسوس إليه ويخطر الذنب بباله فيصوره لنفسه ويمنيه ويشهيه. فيصير شهوة ويزينها له ويحسنها ويخيلها له في خيال تميل نفسه إليه، فيصير إرادة، ثم لا يزال يمثل ويخيل ويمني ويشهي وينسي علمه بضررها ويطوي عنه سوء عاقبتها فيحول بينه وبين مطالعته فلا يرى إلا صورة المعصية والتذاذه بها فقط وينسى ما وراء ذلك فتصير الإرادة عزيمة جازمة فيشتد الحرص عليها من القلب. فيبعث الجنود في الطلب فيبعث الشيطان معهم مدداً لهم وعوناً. فإن فتروا حركهم وإن ونوا أزعجهم كما قال تعالى :[ ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً ]، أي تزعجهم إلى المعاصي إزعاجاً كلما فتروا أو ونوا أزعجتهم الشياطين وأزتهم وأثارتهم.