عدم مؤاخذة الله للعباد بالمحبة القلبية
قال تعالى: ﴿إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [يوسف: ٨].
أخوه هو أخوه الشقيق كما عليه جمهور المفسرين، ومن العلماء من يقول إن اسمه: بنيامين، ولم يرد في هذا خبر عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا خبر من كتاب الله، ولو كان في تسمية الأخ خيراً كبيراً لذكره الله عز وجل في كتابه، ولذكره نبينا محمد ﷺ في سنته، وعلى كلٍ فقد ذكر جمهور المفسرين أنه بنيامين.
(إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ)، وهل ثم خطأ في محبة الرجل لبعض أبنائه أكثر من الآخر؟ ليس ثم خطأ ولا إثم في هذا؛ إذ المحبة محلها القلب، وقد عوتب النبي ﷺ بسبب حبه لـ خديجة، فقال صلوات الله وسلامه عليه: (إني رزقت حبها)، فالحب القلبي لا يؤاخذ عليه الشخص.
وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: يا جبريل! إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل في أهل السماء: يا أهل السماء! إن الله يحب فلاناً فأحبوه؛ فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض).
فلست مؤاخذاً إذا أحببت بعض ولدك أكثر من الآخر، وكذلك أيضاً لست مؤاخذاً في محبتك بعض نسائك أكثر من الأخرى، ولست بمؤاخذ في محبتك بعض الأصدقاء أكثر من الآخرين، فكما قال العلماء: (إن المقة من الله) واستدلوا لذلك بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم: ٩٦]، أي: محبة في قلوب العباد.
إذاً: يعقوب عليه السلام لم يخطئ في محبته ليوسف، وهو نبي كريم صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon