مكيدة إخوة يوسف
قال الله تعالى: ﴿إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ﴾ [يوسف: ٨].
(وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) أي: ونحن جماعة، ومن العلماء من يقيد العصبة فيقول: عشرة، ومنهم من يزيد، ومنهم من ينقص، وعلى كل فالأليق هنا أنها الجماعة.
فقالوا: (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) أي: ينتفع بنا أبونا، فنحن أكثر نفعاً من يوسف وأخيه.
﴿إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [يوسف: ٨]، والضلال: الذهاب عن القصد والصواب، أما المبين فمعناه: الواضح البين الظاهر.
ثم قالوا: ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا﴾ [يوسف: ٩]، أي: القوه في أرض بعيدة عن أعين الناس، أو عن أعين أبيه، ﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ﴾ [يوسف: ٩].
فمن عجيب أمرهم ما ذكره العلماء بشأنهم: أنهم أضمروا التوبة قبل فعل الذنب، ولعل الله أكرمهم بسبب ذلك، فإنهم قالوا: (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ)، فطلبوا محبة الأب، وطلب محبة الأب شيء مرغب فيه، فمن وجهة نظرهم أنهم لا يرغبون في العقوق، بل يرغبون في إقبال أبيهم عليهم، ومن وجهة نظرهم أن يكونوا أيضاً قوماً صالحين فيما بعد.