صبر يعقوب على مصيبته في يوسف
﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ [يوسف: ١٧-١٨]، أي: بدم مكذوب ليس هو على الحقيقة.
قال أبوهم -والأنبياء كما سلف هم أعقل وأزكى الخلق، وهم الذين اصطفاهم الله من خلقه عليهم الصلاة والسلام-: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف: ١٨]، أي: حسنت لكم أنفسكم أمراً سيئاً، وزينت لكم أنفسكم أمراً شريراً، ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾، إلى من أشكو والذي خذلني هم أبنائي، إلى شامت يشمت فيّ؟ فكما قال الشاعر: قومي همُ قتلوا أميمة أخي فإذا رميت يصيبني سهمي أأشكو أبنائي إلى شامت أم إلى حاسد لا أشكوكم إلا إلى الله ولا أشكو أمري إلا إلى الله، ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾، أي: صبر لا شكوى معه إلا إلى الله سبحانه وتعالى؛ فالصبر الجميل هو الصبر الذي لا تصاحبه شكوى للخلق.
﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾، فهو الذي يطلب منه العون على ما جئتم به، وعلى ما ادعيتموه.