تفسير قوله تعالى: (يوم يبعثهم الله جميعاً.)
قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ﴾ [المجادلة: ١٨] أي: يحلفون لله في الآخرة كما يحلفون لكم في الدنيا، ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ﴾ [المجادلة: ١٨] أي: يحسبون أنهم بأيمانهم سيخدعون بها الرب سبحانه وتعالى في الآخرة، كما خدعوكم بها -بزعمهم- في الدنيا! وقوله: (فيحلفون له) تفسيرها في قوله تعالى: ﴿قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] وهذا على منهج من يفسر القرآن بالقرآن، وهذا منهج حسن في هذا المقام.
﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ﴾ [المجادلة: ١٨]، قائلين: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣]، فهم ينكرون في الآخرة شركهم! ﴿كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ﴾ [المجادلة: ١٨]، في هذه الآية سبب نزول أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي ﷺ جالساً في ظل حجرة من حجر نسائه، فقال: يدخل عليكم الآن رجل أزرق، ينظر بعيني شيطان، فدخل رجل بنفس الوصف، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ قال: والله! ما شتمتك، ثم انطلق وأتى بأصحابه كلهم، فأقسموا أمام رسول الله ﷺ أنهم ما شتموه) فنزل قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [المجادلة: ١٨].