تفسير قوله تعالى: (وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة)
باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد: فيقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ * فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً﴾ [الحاقة: ٩-١٠].
قوله تعالى: (وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ) أي: وجاء (فرعون) وجاء من قبله، وفرعون علم لكل من حكم مصر من الجبابرة، فكل من حكم مصر من الجبابرة يقال له: فرعون، كما أن كل من حكم الروم يسمى: (قيصر)، وكل من حكم الفرس يسمى: (كسرى)، وكل من حكم الهند يسمى: (بطليموس)، وكل من حكم اليمن يسمى: (تبع)، وكل من حكم الحبشة يسمى: (النجاشي)، والنجاشي الذي كان على عهد رسول الله ﷺ اسمه: أصحمة.
فقوله تعالى: (وَجَاءَ فِرْعَوْنُ)، المراد به هنا: (فرعون موسى، أي: فرعون الذي أرسل إليه نبي الله موسى) صلى الله عليه وسلم.
جاء فرعون وجاء أيضاً من قبله، وجاء فرعون وجاءت أيضاً المؤتفكات.
والمؤتفكات: هي مدائن قوم لوط، وقد قال الله في شأنها: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى﴾ [النجم: ٥٣]، فجاء فرعون وجاء جبابرة آخرون قبله، وجاءت أيضاً المؤتفكات بالخاطئة.
ما هي الخاطئة؟ هي الفعلة الخاطئة.
وما هي الفعلة الخاطئة؟ قال فريق من أهل العلم: إنها الشرك.
وفريق منهم: أرجعها إلى قوم لوط وهي الكبيرة التي كانوا يأتونها، وهي: إتيان الرجال، كما قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٦٥].
والخاطئة أعم من أن يقال: إنها الشرك، فتشمل الصغيرة والكبيرة، وتشمل كل ذنب، لكن المراد بالخاطئة هنا: الشرك، أو الكبيرة المذكورة بالنسبة لقوم لوط.


الصفحة التالية
Icon