تفسير قوله تعالى: (وإذا الصحف نشرت.)
﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ [التكوير: ١٠] : تطايرت الصحف، والمراد بالصحف: صحف الأعمال، (نُشِرَتْ} أي: فُتحت، ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً﴾ [الإسراء: ١٣] أي: مفتوحاً، فصحيفة عملك -يا ابن آدم- مطوية الآن، تعمل العمل ولا يراك إلا الله، الصحف المطوية المستورة على ما فيها تتطاير يوم القيامة وتُفتح كما في حديث: (سيبعث الله رجلاً من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة ثم ينشر له تسعةً وتسعين سجلاً)، فـ ﴿نُشِرَتْ﴾ أي: فُتحت، والمراد بـ ﴿الصُّحُفُ﴾ : صحف الأعمال، و ﴿نُشِرَتْ﴾ أي: فُتحت.
﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾ [التكوير: ١١] : من الكشط أي: المحو والإزالة، السماء تُزال وتُكشط، ومن العلماء من قال: جُذبت وأزيلت عن مكانها، كما قال تعالى: ﴿وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٦-١٧] وقد أسلفنا أن الملائكة التي عليها تنزل وتقف على قطعها، فإن الأرجاء هي: القطع المتساقطة من السماء، ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧].
﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾ [التكوير: ١٢] : أُوقد عليها حتى اشتعلت والتهبت.
﴿وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ﴾ [التكوير: ١٣] أي: قُربت الجنة وأدنيت، ومنه: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣]، ومنه قولك: فلان يتزلف إلى فلان، أي: يحاول أن يفعل الشيء الذي يتقرب به إليه.
﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾ [التكوير: ١٤] : كل نفس تعلم الأعمال التي اكتسبتها واقترفتها في دنياها، كما قال سبحانه: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾ [الكهف: ٤٩].


الصفحة التالية
Icon